للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط (الثاني حضور أربعين من أهل وجوبها) وتقدم بيانهم (١) الخطبة والصلاة (٢) قال أحمد: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة، فلما كان يوم الجمعة جمع بهم، وكانوا أربعين، وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة (٣) وقال جابر: مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وإضحى وفطر، رواه الدارقطني وفيه ضعف، قاله في المبدع (٤) .


(١) يعني أهل وجوبها، في قوله: تلزم كل ذكر حر مكلف مسلم إلخ، ولو كان بعضهم خرسا أو صما، لا إن كان الكل كذلك، واختار الشيخ أن هذا الشرط للوجوب لا للصحة وقال الشيخ عبد اللطيف، وهذا من أحسن الأقوال، وبه يتفق غالب كلام المتأخرين.
(٢) أي حضور العدد المعتبر حال الخطبة والصلاة.
(٣) رواه أبو داود عن كعب بن مالك قال: أول من صلى بنا الجمعة في نقيع الخصُمات أسعد بن زرارة وكنا أربعين صححه ابن حبان والبيهقي والحاكم قال بعض الأصحاب: ولم ينقل أنها صليت بدون ذلك، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم حين انفضوا عنه بدون ذلك، مع أنه لا يقتضي أنها لا تصح بدون ذلك، وحديثهم إنما كان يدل على أنه كان مبدأ الجمعة، وقال الحافظ وغيره، لا يصح في عدد الجمعة شيء، وقاله السيوطي وغيره، وقال الحافظ: وردت أحاديث تدل على الاكتفاء بأقل من أربعين وجمعت بتشديد الميم أي صليت جماعة ومصعب بن عمير هو ابن هاشم بن عبد مناف، أحد السابقين، استشهد في أحد ومعه اللواء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لهم مفقها.
(٤) وإذا قال الصحابي ذلك، كان له حكم الرفع ولكنه لم يصح ولا
يقاوم حديث جابر وغيره، وقال حافظ عصره الشيخ سليمان بن عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى: هذا حديث ساقط، لا يحتج به، لأنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن، وهو ضعيف، قال البيهقي: هذا حديث لا يحتج به، ثم لو صح فليس فيه حجة، ويقال: اشتراط الأربعين العقلاء الحاضرين الذكور الأحرار تحكم بالرأي بلا دليل، وإسقاط للجمعة عمن دون الأربعين، وقد ثبت وجوب الجمعة بعموم الآية والأحاديث والإجماع على كل أحد فمن أراد إخراج أحد عن وجوبها فعليه الدليل، واتفق المسلمون على اشتراط الجماعة لها، واختلفوا في العدد المشترط لها، وذكر الأقوال، ونص أحمد على أنها تنعقد بثلاثة، اثنان يستمعان وواحد يخطب، اختاره الشيخ الإسلام.
قال الشيخ سليمان: وهذا القول أقوى، وهو كما قال، شرعا ولغة وعرفا، لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا} وهذا صيغة جمع وأقل الجمع ثلاثة، وفي الحديث الصحيح إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، فأمرهم بالإمامة، وهو عام في إمامة الصلوات كلها، الجمعة والجماعة، ولأن الأصل وجوب الجمعة على الجماعة المقيمين، فالثلاثة جماعة تجب عليهم الجمعة، ولا دليل على إسقاطها عنهم أصلا، وإسقاطه عنهم تحكم بالرأي الذي لا دليل عليه من كتاب، ولا سنة ولا إجماع، ولا قول صاحب ولا قياس صحيح اهـ.
قال شيخنا: وما سوى هذا القول يحتاج إلى برهان، ولا برهان يخرجه من هذا العموم، فدل على أنها تنعقد بالجمع، والجمع أقله ثلاثة، ويقال: لو كانت الأربعون شرطا لما جاز أن يسكت عنه الشارع صلى الله عليه وسلم ولا يبينه، وحكى النووي وغيره إجماع الأمة على اشتراط العدد، وأنها لا تصح من منفرد، وأن الجماعة شرط لصحتها وقال الشيخ: تنعقد الجمعة بثلاثة، واحد يخطب، واثنان يستمعان، وهو إحدى الروايات عن أحمد، وقول طائفة من العلماء قال: وتصح ممن دون الأربعين، لأنه انتقال إلى أعلى الفرضين، وفوق بالبناء على الضم لقطعه عن الإضافة، ونية معناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>