للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وحكم بها) أي بالبينة إذا اتضح له الحكم، وسأله المدعي (١) (ولا يحكم) القاضي (بعلمه) ولو في غير حد (٢) لأن تجويز القضاء بعلم القاضي، يفضي إلى تهمته، وحكمه بما يشتهي (٣) .


(١) أي سأل القاضي: الحكم له، لزمه الحكم فورا، ولا يحكم بدون سؤاله.
(٢) وهذا مذهب مالك، ومذهب أبي حنيفة والشافعي، جواز القضاء بعلمه في حقوق الآدميين، ويحرم ولا يصح الحكم بضد ما يعلمه، أو مع ليس قبل
البيان.
(٣) قال ابن القيم: لأنه ذريعة إلى حكمه بالباطل، ويقول حكمت بعلمي، قال: ولو فتح هذا الباب، ولا سيما لقضاة الزمان، لوجد كل قاض له عدو: السبيل إلى قتل عدوه، ورجمه وتفسيقه، والتفريق بينه وبين امرأته، ولا سيما إذا كانت العداوة خفية، لا يمكن عدوه إثباتها، حتى لو كان الحق، حكم الحاكم بعلمه، لوجب منع قضاة الزمان من ذلك.
قال: وقد ثبت عن أبي بكر وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية المنع من ذلك، ولا يعرف لهم في الصحابة مخالف، ولقد كان سيد الحكام، صلوات الله وسلامه عليه، يعلم من المنافقين، ما يبيح دماءهم وأموالهم، ويتحقق ذلك، ولا يحكم فيهم بعلمه، مع براءته عند الله وملائكته، وعباده من كل تهمة.
قال: ولكن يجوز له الحكم بما تواتر عنده، وتظافرت به الأخبار، بحيث اشترك في العلم به هو وغيره، ويجوز له الاعتماد على سماعه بالاستفاضة، لأنها
من أظهر البينات، ولا يتطرق الحاكم تهمة إذا استند إليها، فحكمه بها حكم بحجة، لا بمجرد علمه، الذي لا يشاركه فيه غيره، قال الشارح: ويعمل بعلمه، في عدالة بينة، وجرحها بغير خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>