للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها مؤجرة في أيدي أربابها، بالخراج المضروب عليها في كل عام (١) وإجارة المؤجر جائزة (٢) ولا يجوز بيع رباع مكة (٣) ولا إجارتها (٤) لما روى سعيد بن منصور، عن مجاهد مرفوعًا «رباع مكة حرام بيعها، حرام إجارتها» (٥) وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا «مكة لا تباع رباعها، ولا تكرى بيوتها» رواه الأثرم (٦) .


(١) لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين، وأقرها في أيدي أربابها، بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام، ولم يقدر مدة الإجارة.
(٢) علل صحة إجارتها بأنها مؤجرة في أيدي أربابها، وهو كذلك، وأن إجارة المؤجر جائزة، وهو مذهب الجمهور كما سيأتي.
(٣) جمع ربع، وهو المنزل والدار الذي يربع به الإنسان ويستوطنه لأنها فتحت عنوة، ولم تقسم بين الغانمين، فصارت وقفا على المسلمين، ولا الحرم كله، وبقاع المناسك، كالمسعى، والمرمى، والموقف ونحوها، بل بقاع المناسك أولى بعدم الصحة، إذ هي كالمساجد، لعموم نفعها.
(٤) أي ولا تجوز إجارة رباع مكة، وبقاع المناسك.
(٥) وهذا على تقدير صحته، وهو مرسل.
(٦) وقالت عائشة: ألا تبني لك بيتًا، أو بناء يظلك من الشمس؟ فقال: «لا إنما هو مناخ من سبق إليه» رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وحسنه، وقال ابن القيم: مثل هذا الحديث حسن عند أهل الحديث، وعن أحمد: يجوز بيعها وإجارتها، وهو أظهر في الحجة، واختار الشيخ وابن القيم جواز البيع #
لأنه إنما يستحق التقدم على غيره بهذه المنفعة، واختص بها لسبقه وحاجته، فهي كالرحاب، والطرق الواسعة، وغيرها، من سبق إليها فهو أحق بها، وإنما جاز البيع لوروده على المحل، الذي كان البائع اختص به عن غيره، وهو البناء.
وما روي من الأحاديث في خلاف ذلك فضعيف، لا تقوم به حجة، وكانوا يتبايعونها قبل الإسلام وبعده، كما اشترى معاوية دار الندوة، من عكرمة ابن عامر، فما أنكر بيعها أحد من الصحابة، وابتاع عمر وعثمان ما زاده في المسجد، وتملك أهلها أثمانها، ولو حرم ذلك لما بذلاه من أموال المسلمين، فكان إجماعًا متبوعًا وفعلاً مشروعًا، لورودها على المنفعة، وهي مشتركة، قال في الإنصاف: ويستثنى بقاع المناسك بلا نزاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>