للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا إن حمل عليه (١) أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت (٢) الرابع لبس المخيط (٣) .


(١) أي على رأسه شيئا، كطبق ونحوه، لا لقصد التغطية، وكذا لو وضع يده عليه، لأنه لا يستدام، وما فيه فدية فلا أثر للقصد فيه ولا عدمه.
(٢) أو جدار، أو نصب حياله ثوبا، لحر أو برد، أمسكه إنسان، أو رفعه على عود لخبر جابر، فأتى عرفة، فوجد الخيمة قد ضربت له، فنزل بها واستمر عمل الناس عليه، ولخبر أسامة المتقدم، ولو قصد به الستر فلا شيء عليه، قال الشيخ وابن القيم وغيرهما باتفاق أهل العلم، ولأنه لا يقصد به الترفه في البدن عادة، وحكي عن مالك المنع من وضع ثوبه على الشجرة يستظل به، وخالفه الجمهور، وكذا لو غطى الرجل وجهه، وهو مذهب الشافعي، فقد
روي عن عثمان، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم واتفق البخاري ومسلم وغيرهما على رواية «لا تخمروا رأسه» ، واختلف في تخمير الوجه، وقالوا: رواية النهي عنه غير محفوظة، وعدم تخميره أولى خروجا من الخلاف.
(٣) في بدنه، أو بعضه، بما عمل على قدره، إجماعا، قل، أو كثر، من قميص، وعمامة، وسراويل، وبرنس، ونحوها، ولو درعا منسوجا، أو لبدا معقودا، ونحوه مما يعمل على شيء من البدن.
وفي الإنصاف: ما عمل على قدر العضو إجماعا، وكالخفين، والقفازين
ولو غير معتاد، كجورب في كف، وخف في رأس، وكران، لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم سئل: ما يلبس المحرم؟ قال: لا يلبس القميص ولا
العمامة ولا البرنس، ولا السروايل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين، الحديث قال الترمذي وغيره، والعمل عليه عند أهل العلم.
فيلحق بالقميص الجبة والدراعة ونحوها، وبالعمامة كل ملاصق، أو ساتر معتاد، وبالسراويل التبان، وما في معناها، سواء كان مخيطا، أو درعا منسوجا، أو لبدا معقودا، ولا فرق بين قليل اللبس وكثيره، لظاهر الآية والخبر، ولأنه استمتاع، فاعتبر فيه مجرد الفعل، كالوطء في الفرج، وهو مذهب الشافعي.
وقال شيخ الإسلام وغيره: النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم أن يلبس القميص، والبرنس، والسراويل، والخف، والعمامة، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس فهو ذريعة، في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص، بكم ولا بغيركم وسواء أدخل يديه أو لم يدخلهما، وسواء كان سليما أو مخروقا، وكذلك لا يلبس الجبة، ولا القباء الذي يدخل يديه فيه، وكذلك الدرع الذي يسمى عرق جبن يعني الفنيلة، وأمثال ذلك باتفاق الأئمة.
وأما إذا طرح القباء على كتفيه، من غير إدخال يديه، ففيه نزاع، وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط، والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل، وكالتبان ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>