للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ومن تبعهم) فتدين بأحد الدينين (١) كالسامرة والفرنج والصابئين (٢) لعموم قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (٣) .


(١) أي دين اليهودية أو النصرانية.
(٢) التابعين لليهودية أو النصرانية، فالسامرة: قبيلة من قبائل بني إسرائيل وهم طائفة من اليهود، إليهم نسب السامري، ويقال لهم: «السمرة» والفرنج: هم الروم، ويقال لهم «بنو الأصفر» والأشبه أنها مولدة، ولعل ذلك نسبة إلى فرنجة، بضم أوله وثانيه، وسكون ثالثه، جزيرة من جزائر البحر، والنسبة إليها فرنجي ثم حذفت الياء، والصائبين جمع صابئ، وهم الخارجون من دين إلى غيره، وأصل الصبو الخروج، فيعقد لهؤلاء، وقاله شيخ الإسلام وغيره، وتنوخ وبهرا، وبنو تغلب، نصارى، لمجاورتهم للروم، وقبائل من اليمن تهودوا لمجاورتهم ليهود اليمن، قال ابن القيم: فأجرى الجزية ولم يعتبر آباءهم ولا متى دخلو في دين أهل الكتاب.
(٣) فشملت الآية من تدين باليهودية أو النصرانية، فمن اختار اليهودية أو النصرانية من هؤلاء أو غيرهم، أقر وعقدت له، قال الوزير وابن رشد وغيرهما: اتفقوا على أن الجزية تضرب على أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، وكذلك اتفقوا على ضربها على المجوس، واختلفوا فيمن لا كتاب له ولا شبهة، فقال مالك: تؤخذ من كل كافر، عربيا كان أو عجميا، إلا من مشركي قريش، وقال أبو حنيفة: لا تقبل إلا من العجم، وهو رواية عن أحمد، واختار أبو العباس أخذ الجزية من جميع الكفار، وأنه لم يبق أحد من مشركي العرب بعد، بل كانوا قد أسلموا.
وقال: ومذهب الأكثرين: أنه يجوز مهادنة جميع الكفار، بالجزية والصغار، قال: وإذا عرفت حقيقة السنة، تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين عربي وغيره، وأن أخذ الجزية، كان أمرا ظاهرا مشهورا، وقدوم أبي عبيدة بمال البحرين معروف، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص العرب بحكم في الدين، لا بمنع الجزية ولا منع الاسترقاق، ولا تقديمهم في الإمامة، ولا بجعل غيرهم ليس كفوا لهم في النكاح، ولا بحل ما استطابوه دون ما استطابه غيرهم، بل إنما علق الأحكام، بالأسماء المذكورة في القرآن، كالمؤمن والكافر، والبر والفاجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>