للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن أراد أحد أبويه) أي أبوي المحضون (سفرًا طويلاً) لغير الضرار، قاله الشيخ تقي الدين وابن القيم (إلى بلد، بعيد) مسافة قصر فأكثر، (ليسكنه (١) وهو) أي البلد (وطريقه آمنان فحضانته) أي المحضون (لأبيه) (٢) .


(١) قال ابن القيم: لو أراد الإضرار والاحتيال على إسقاط حضانة الأم فسافر ليتبعه الولد فهذه حيلة مناقضة لما قصده الشارع، فإنه جعل الأم أحق بالولد من الأب، مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت لو قضي به للأب، وقضى أن لا توله والدة على ولدها، وأخبر أن من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، ومنع أن تباع الأم دون ولدها، والولد دونها، وإن كانا في بلد واحد، فكيف يجوز مع هذا التحيل، على التفريق بينها وبين ولدها، تفريقا تعز معه رؤيته ولقاؤه، ويعز عليها الصبر عنه وفقده، وهذا من أمحل المحال، بل قضاء الله ورسوله أحق أن الولد للأم سافر الأب أو أقام.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنت أحق به ما لم تنكحي» فكيف يقال أنت أحق به، ما لم يسافر الأب، وأين هذا في كتاب الله؟ أو في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أو فتاوى أصحابه؟ أو القياس الصحيح؟ فلا نص ولا قياس، ولا مصلحة، قال في المبدع: هو مراد الأصحاب، وفي الإنصاف، صورة المضارة لا شك فيه، وأنه لا يوافق على ذلك.
(٢) سواء كان المقيم هو الأب، أو المتنقل وإن كان البلد والطريق مخوفان، أو أحدهما، فمقيم أولى، لأن في المسافرة بالطفل إضرارا به، مع عدم الحاجة إليه، ولو اختار الولد السفر في تلك الحال لم يجب، لأن فيه تغريرا به وهو قول مالك والشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>