للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان المس لغيرها (١) أو مست ذكره لم ينتقض وضوءها (٢) (و) الخامس (مسه) أي الذكر (امرأة بشهوة) (٣) لأنها التي تدعو إلى الحدث، والباء للمصاحبة (٤) .


(١) أي بغير شهوة لم ينتقض الوضوء في المسألتين.
(٢) ولو بشهوة لاحتمال أن يكون زائداِ.
(٣) جمعا ين الآية والأخبار لقوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وفي قراءة (أو لمستم) واللمس يطلق في الشرع على الجس باليد، ولقول عائشة: فوقعت يدي على بطن قدميه وهما منصوبتان رواه مسلم، ولهما قالت: فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، وصلى وهو حامل أمامة فاعتبرت الحالة التي يدعو المس فيها إلى الحدث، هي حالة الشهوة.
(٤) أي فيعتبر مقارنتهما، وقال الشيخ: ظاهر مذهب أحمد كمذهب مالك والفقهاء السبعة أن اللمس إن كان بشهوة نقض وإلا فلا، وليس في المسألة قول متوجه غير هذا وقال: إذا مسها لغير شهوة فهذا مما علم بالضرورة أن الشارع لم يوجب منه وضوءا، ولا يستحب الوضوء منه، وذكر الزركشي وغيره أن المراد اللمس للتلذذ، أما اللمس لغرض آخر فلا فرق بينهن وبين غيرهن في ذلك، لأن اللمس بشهوة هو المظنة لخروج المني، والمذي فأقيم مقامه كالنوم مع الريح، وعنه لا ينقض مطلقا، اختاره في الفائق، والآجري والشيخ: وقال الأظهر أنه لا يجب الوضوء من مس النساء، فإنه ليس مع الموجبين دليل صحيح، بل الأدلة الراجحة تدل على عدم الوجوب، بل قال: لا يقدر أحد أن ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر أصحابه بالوضوء من مس النساء، لعموم البلوى بذلك، وقبل صلى الله عليه وسلم وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، وقال: لا خلاف أنه لم ينقل عنه أنه توضأ من المس، وقال: الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما، ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى
هذا علم أنه ليس من دينه، وذكر أصولا ثم قال: وبهذه الطرق يعلم أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء، فإنه لم ينقل أحد عنه بإسناد يثبت مثله أنه أمر بذلك مع أن الناس لا يزال أحدهم يلمس امرأته بشهوة، أو بغير شهوة، ولم ينقل عنه مسلم أنه أمر الناس بالتوضؤ من ذلك، والقرآن لا يدل على ذلك، بل المراد بالملامسة الجماع، وذكر أن استحباب الوضوء من لمسهن بشهوة متوجه ظاهر، وصوبه في الإنصاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>