للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويدعو حتى يسفر) (١) لأن في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل واقفا عند المشعر الحرام حتى أسفر جدا (٢) فإذا أسفر سار قبل طلوع الشمس بسكينة (٣) (فإذا بلغ محسرا) وهو واد بين مزدلفة ومنى سمي بذلك لأنه يحسر سالكه (٤) .


(١) أي إسفارا بليغا، وهو مذهب الجمهور، وما روي عن مالك من الدفع قبل الإسفار، لا يدفع به ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم والضمير في يسفر للصبح، أو الداعي، ويكثر الدعاء، ويبالغ في الابتهال والتضرع، وإظهار الضعف والافتقار، وتقدم ما رواه أبو ذر الهروي، مباهاة الله بهم في عرفة، وفيه ثم قال: «إن القوم أفاضوا من عرفات إلى جمع، فقال: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي، وقوفا وعادوا في الطلب، والرغبة، والمسألة، اشهدوا أني قد وهبت مسيئهم لمحسنهم، وتحملت التبعات التي بينهم» .
(٢) أي لم يزل قائما راكبا على ناقته، حتى أسفر جدًّا رواه مسلم وغيره، وحكى الطبري وغيره الإجماع على أن من لم يقف بها حتى طلعت الشمس فاته الوقوف.
(٣) وقاله الشيخ وغيره، ولا خلاف في استحبابه، لفعله صلى الله عليه وسلم وقال ابن القيم: الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس سنة باتفاق المسلمين، وعن ابن عباس: أفاض قبل طلوع الشمس، حسنه الترمذي: وللبخاري عن عمر أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، وكانوا يقولون: أشرق ثبير، كيما نغير، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس.
(٤) أي يعييه، وقيل: لأن أصحاب الفيل حسروا فيه، أو الفيل، أي أعيي
وانقطع عن الذهاب، وحسر من باب نصر، ويسميه أهل مكة: وادي النار، ومحسر برزخ بين منى ومزدلفة، لا من هذه ولا من هذه كما أن عرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس منهن، فمنى من الحرم، وهي مشعر، ومحسر من الحرم، وليس بمشعر ومزدلفة حرم ومشعر وعرنة ليست مشعرا، وهي من الحل، وعرفة حل ومشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>