للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا موات الحرم وعرفات، لا يملك بالإحياء (١) وإذا وقع في الطريق وقت الإحياء نزاع، فلها سبعة أذرع (٢) ولا تغير بعد وضعها (٣) ولا يملك معدن ظاهر (٤) كملح، وكحل، وجص بإحياء (٥) وليس للإمام إقطاعه (٦) .


(١) لما فيه من التضييق في أداء المناسك، واختصاصه بمحل: الناس فيه سواء. وهذا مذهب الجمهور، وقيل: يملك بالإحياء ما لا يحتاج إليه الحاج ألبته إن وجد.
(٢) لخبر أبي هريرة «إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع» رواه الجماعة إلا النسائي، قال شيخنا: ويسوغ بالمعاوضة، كسعة المسجد وغيره، مما يحتاج إليه البلد حاجة ضرورية، لقصة زيادة المسجد الحرام.
(٣) يعني ولو زادت على سبعة أذرع، لأنها للمسلمين، فلا يختص أحد منهم بشيء منها.
(٤) وهي التي يوصل إلى ما فيها من غير مؤنة، ينتابها الناس، وينتفعون بها.
(٥) وككبريت، وقار، وموميا، وبرام، وياقوت، وأشباه ذلك، إذا كان ظاهرًا في الأرض قبل الإحياء، لما روى أبو داود وغيره: أن أبيض بن حمال استقطعه الملح الذي بمأرب، فلما ولى قيل: يا رسول الله إنما أقطعته الماء العد فرجعه منه، ولأنه يتعلق به مصالح المسلمين العامة فلم يجز إحياؤه.
(٦) كمشارع الماء، وطرقات المسلمين، قال ابن عقيل: هذا من مواد الله الكريم، وفيض وجوده، الذي لا غناء عنه، ولو ملكه أحد بالاحتجار ملك منعه،
فضاق على الناس، فإن أخذ العوض عنه أغلاه، فخرج عن الوضع الذي وضعه الله به، من تعميم ذوي الحوائج من غير كلفة، قال الموفق: وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفًا.
فأما المعادن الباطنة – وهي التي لا يوصل إليها إلا بالعمل والمؤونة، كمعادن الذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، والرصاص، والبلور، والفيروزج – فإذا كانت ظاهرة لم تملك بالإحياء، وإن لم تكن ظاهرة فحفرها إنسان، وأظهرها لم تملك بذلك، في ظاهر المذهب، وظاهر مذهب الشافعي، ويحتمل أن يملكها بذلك، وهو قول للشافعي، لأنه موات لا ينتفع به إلا بالعمل والمؤونة، فملك بالإحياء كالأرض.
قال أصحابنا: وليس للإمام إقطاعها، لأنها لا تملك بالإحياء والصحيح جواز ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، رواه أبو داود، ومن أحيا أرضا، فملكها بذلك، فظهر فيها معدن، ملكه، ظاهرا كان أو باطنا، إذا كان من المعادن الجامدة، وأما الجارية كالقار، والنفط، والماء فروايتان، أظهرهما: لا يملكها. لقوله صلى الله عليه وسلم «الناس شركاء في ثلاث، في الماء، والكلأ، والنار» لكن صاحب الأرض أحق به، وإن كان بقرب الساحل موضع إذا حصل فيه الماء صار ملحا ملكا بالإحياء لأنه لا يضيق على المسلمين، فلم يمنع منه، كبقية الموات، وللإمام إقطاعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>