(٢) لأن أبا موسى دخل على عمر ومعه كتاب فيه حساب عمله، فقال له عمر: ادع الذي كتبه ليقرأه، قال: إنه لا يدخل المسجد، قال: ولم لا يدخله؟ قال: إنه نصراني، فانتهره عمر، ولأن عليا بصر بمجوسي وهو على المنبر فنزل وضربه، وأخرجه، وهذا يدل على اتفاقهم على أن الكفار لا يدخلون المساجد، ولأن حدث الجنابة والحيض يمنع، فالشرك أولى. وقال مالك، وأحمد: لا يجوز لهم دخول المساجد بحال، وقال الوزير: اتفقوا على أنه يمنع الكافر من دخول الحرم، ويمنع هو والذمي من استيطان الحجاز، ومن دخل منهم تاجرا أقام ثلاثة أيام، ثم ارتحل، ولم ير أبو حنيفة المنع في الكل، وصحح في الشرح وغيره أنه يجوز، لإنزاله صلى الله عليه وسلم وفد الطائف في المسجد، والجمهور يرون المنع. ويرون المنع أيضا من المقام في الحجاز، وهو مكة، والمدينة، واليمامة، والينبع، وفدك، وتبوك ونحوها، وما دون المنحنى، وهو عقبة الصوى من الشام كمعان، لقوله صلى الله عليه وسلم «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب» صححه الترمذي. ولأحمد: آخر ما تكلم به «اخرجوا اليهود من أرض الحجاز» وقال تعالى في حق مكة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} والمراد حرم مكة، سواء أذن له أو لا، بالإقامة أو غيرها ولو غير مكلف، فإن قدم رسول من الكفار لا بد له من لقاء الإمام وهو به، خرج إليه ولم يأذن له، فإن دخل عالما، عزر وأخرج.