للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قرأ ما تضمن الحمد والموعظة، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه (١) (والوصية بتقوى الله عز وجل) لأنه المقصود (٢) .


(١) لأن عمر قرأ سورة الحج على المنبر، ولم يخطب بغيرها.
(٢) أي من الخطبة ولا يتعين لفظها، بل إذا قال: أطيعوا الله ونحوه، أجزأ، وقد يقال: الواجب لفظ التقوى، فليست كلمة أجمع لما أمر الله به، وأوقع في النفوس من كلمة التقوى، وتقوى الله امتثال أمره، واجتناب نهيه، قال شيخ الإسلام وغيره، لا يكفي في الخطبة ذم الدنيا، وذكر الموت، لأنه لا بد من اسم الخطبة عرفا، بما يحرك القلوب، ويبعث بها إلى الخير اهـ، وذم الدنيا، والتحذير منها، مما تواصى به منكروا الشرائع، بل لا بد من الحث على الطاعة، والزجر عن المعصية، والدعوة إلى الله، والتذكير بآلائه، وقال: ولا تحصل الخطبة باختصار يفوت به المقصود، وقد طال العهد، وخفي نور النبوة على الكثير، فرصعوا الخطب بالتسجيع والفقر، وعلم البديع، فعدم حظ القلوب منها، وفات المقصود بها، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلى صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم.
وذكر ابن القيم وغيره أن خطبه صلى الله عليه وسلم إنما كانت تقريرا لأصول الإيمان، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، ودعوة إلى الله، وتذكير بآلائه التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، وأمرا بذكره وشكره الذي يحببهم إليه، فيملأ القلوب من خطبته إيمانا وتوحيدا، ومعرفة بالله وآياته وآلائه وأيامه، ومحبة لذكره وشكره، فينصرف السامعون وقد أحبوا الله وأحبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>