للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكره العمل اليسير من غير جنسها فيها (١) ولا تبطل بعمل قلب (٢) .


(١) كفتح الباب، ولف العمامة، لغير حاجة، لأنه عبث ويذهب الخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها.
(٢) وإن طال وفاقا لأبي حنيفة والشافعي، لمشقة التحرز منه، ما لم يترك واجبا، وإلا أبطل قال عليه الصلاة والسلام: «إنها ألهتني آنفا عن صلاتي» وقال: «أخاف أن تفتنني» وقوله: «حتى لا يدري كم صلى» ففيها أنها تصح وإن حصل فيها فكر واشتغال قلب بغيرها، قال النووي: وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع اهـ، ونقل الإجماع غير واحد أنها لا تبطل بحديث النفس ولو كثر، واتفقوا على كراهته وفي الحديث «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها» ، ما لم تعمل، أو تكلم متفق عليه، وفي الصحيح «ذكرت وأنا في الصلاة تبرأ عندنا» الحديث ولكن كانت قرة عينه في الصلاة، ولم يشغله ما هو فيه عن مراعاة أحوال المأمومين وغيرهم مع كمال إقباله وقربه من الله، وخضوعه بين يديه، وقال عمر: وإني لأجهز جيشي في الصلاة، رواه البخاري ولأن الشيطان كثيرا ما يحول بين المرء ونفسه، ويذكره ما لم يكن يذكر.
قال شيخ الإسلام: إذا غلب الوسواس على أكثر الصلاة لا يبطلها، قال: وهو أنواع: ما لا يمنع ما يؤمر به بل بمنزلة الخواطر، فلا يبطلها، لكن من سلمت صلاته فهو أفضل، وما منع الفهم، وشهود القلب، بحيث يصير غافلا، فلا ريب في منع الثواب لقوله: «إلا ما عمل بقلبه» ، وهل يبطل ويوجب الإعادة؟ فيه تفصيل فإن كانت الغفلة أقل من الحضور لم تجب الإعادة وإن كان الثواب ناقصا فإن النصوص قد تواترت بأن السهو لا يبطلها وإنما يجبر بعضه بسجدتي السهو.
وإن غلبت الغفلة على الحضور، فقيل: لا تصح في الباطن، وإن صحت في الظاهر، وقيل: لا تجب عليه الإعادة وإن كان لا ثواب له هذا المأثور عن أحمد
وغيره لما ثبت «إن الشيطان يخطر بين المرء ونفسه، يذكره ما لم يكن يذكر، حتى لا يدري كم صلى» وأمره بسجدتين السهو ولم يأمره بالإعادة، ولم يفرق بين القليل والكثير، فإن النصوص والآثار إنما دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور، لا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهرا، ورجح أن الغفلة سبب لنقص الثواب، أو فواته الخاص، لا أنه لا أجر له فيه بالكلية بقصة تخفيف عمار، وقوله: «لا يستجاب الدعاء من قلب غافل» ، وقوله فيمن صلى ركعتين «لا يحدث فيهما نفسه غفر له» ، وغير ذلك، وقال في موضع آخر: هذا في المؤمن الذي يقصد العبادة لله بقلبه مع الوسواس وأما المنافق الذي لا يصلي إلا رياء وسمعة فعمله حابط، ولا يحصل له به ثواب، ولا يرتفع به عنه عذاب، ولا يثاب على عمل مشوب إجماعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>