للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فروضه ستة) أحدها (غسل الوجه) (١) لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (٢) (والفم والأنف منه) أي من الوجه لدخولهما في حده (٣) فلا تسقط المضمضة ولا الاستنشاق في وضوء ولا غسل لا عمدا ولا سهوا (٤) .


(١) إجماعا، والغسل في الأصل من: غسل الشيء، سال، بالفتح، وغسله يغسله غسلا طهره بالماء، وأزال الوسخ ونحوه عنه، بإجراء الماء عليه، فهو غاسل، والوجه في الأصل من المواجهة، وإضافة الغسل إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله، والفاعل محذوف أي غسل المتوضئ وجهه، ويرد عليه أن يكون صفة للفاعل وهو غير شرط، إذ لو أصابه الماء من غير فعل كفى.
(٢) أي إذا قمتم إلى الصلاة، وأنتم على غير طهر {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} بالماء فشرع غسله الذي نظافته ووضاءته عنوان على نظافة القلب، ويستب عند كل صلاة للآية، وللأمر به، وتجديده كل صلاة مستحب إجماعا، وتجوز الصلوات كلها بوضوء واحد.
(٣) وكونهما في حكم الظاهر بدليل غسلهما من النجاسة، وفطر الصائم بعود القيء بعدوصوله إليهما وأنه لا يفطر بوصول شيء إليهما.
(٤) لما في الصحيحين من توضأ فليستنشق، ولقوله: استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا، قال أحمد: وأنا أذهب إليه، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين عن ابن عباس، أنه توضأ فغسل وجهه أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنثر الحديث وفيه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني يتوضأ وللدارقطني بسند جيد عن أبي هريرة قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق ولغيرهما من الأحاديث، وكل من وصف وضوءه صلى الله عليه وسلم على الاستقصاء لم يقل إنه ترك الاستنشاق ولا المضمضة وفعله إذا خرج بيانا كان حكمه حكم ذلك المبين، وتجب الموالاة بينهما وبين بقية الأعضاء، وعنه أنهما سنة، وفاقا لمالك والشافعي، لقوله: توضأ كما أمرك الله، قال ابن المنذر: لا خلاف في أن تاركهما لا يعيد اهـ، والمشهور الأول: لأن الله أمر بغسل الوجه وأطلق، وفسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله وتعليمه، ولم ينقل أنه أخل بذلك، مع اقتصاره على المجزئ، وقوله هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به، ولأنهما في حكم الظاهر كما تقدم، وعليه لا يسقطان ولو سهوا، وأما الغسل فأجمعوا على أن الوضوء معه غير واجب، والمضمضة والاستنشاق من توابعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>