للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ادعى العسرة، ودينه عن عوض، كثمن وقرض، أولا (١) وعرف له مال سابق، الغالب بقاؤه (٢) أو كان أقر بالملاءة حبس (٣) إن لم يقم بينة تخبر باطن حاله (٤) .


(١) أي أو لم يكن عن عوض، بل كان عن أرش جناية، وقيمة متلف، ومهر، أو ضمان، أو كفالة، أو عوض خلع، ونحو ذلك.
(٢) إما لكون الدين ثبت عن معاوضة، كثمن مبيع وقرض، أو عرف له أصل مال سوى هذا، فالقول قول غريمه مع يمينه، فإذا حلف أنه ذو مال، حبس حتى تشهد بينة بإعساره.
(٣) لأن الأصل بقاء المال، ومؤاخذة له بإقراره، والقول أيضًا قول غريمه مع يمينه، فإذا حلف حبس، لأن الحبس وسيلة إلى قضاء دينه، قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين. وقال ابن القيم وغيره: لو ادعى الخصم الفلس، وقال المدعي: معه مال. وسأل تفتيشه، وجب إجابته، واستدل بقول علي للظعينة: لتخرجن الكتاب، أو لنجردنك، وكانت أسرى قريظة يدعون عدم البلوغ، فيكشف عن مآزرهم.
(٤) أي إن لم يقم بينة تشهد بإعساره، ويعتبر فيها أن تخبر باطن حاله، لأن الإعسار من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط له، قالوا: ويكفي اثنان، ولا يحلف معها، وإن شهدت بنفاد ماله أو تلفه، حلف معها، ونص أحمد أنه لا يثبت الإعسار إلا بثلاثة، واحتج بحديث قبيصة، قال ابن القيم: إذا كان في باب أخذ الزكاة، وحل المسألة، ففي باب دعوى الإعسار، المسقط لأداء الدين أولى. وقال: من علم له مال متقدم، كمن أصابته فاقة، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه، فهذا صريح في أنه لا يقبل في بينة الإعسار أقل من ثلاثة رجال، وهو الصواب الذي يتعين القول به، وهو اختيار بعض أصحابنا، وبعض أصحاب الشافعية، قالوا: وليس الإعسار من الأمور الخفية التي تقوى فيها التهمة، فروعي فيها الزيادة في البينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>