(٢) لتركه جزءا من البيت، المجمع على الطواف على جميعه، فمتى ترك شيئا منه، لم يكن طاف به جميعه. (٣) لا نزاع أنه طاف من وراء الحجر، وقال لعائشة لما أرادت دخول البيت «عليك بالحجر، فإنه من البيت» فيجب أن يطوف من وراء الحجر إجماعًا، لأنه من أصل البيت الذي بناه الخليل إبراهيم عليه السلام، ومن لم يطف به لم يعتد بطوافه عند الجمهور، لفعله صلى الله عليه وسلم وإطباق المسلمين عليه، وشذ أبو حنيفة وقال: إن خرج أراق دما وإلا أعاده. (٤) قال الوزير: اتفقوا أن من شرائطه الطهارة، وستر العورة، إلا أبا حنيفة، فقال: سنة، إلا أنه يجب بتركهما دم، وعنه يجزئه، لأن الطواف عبادة، لا يشترط فيها الاستقبال، فلم يشترط فيها ذلك، كالسعي قاله في المبدع، ويجبره بدم، وظاهره صحته من حائض بدم، وهو ظاهر كلام جماعة، واختاره الشيخ وقال: ما يعجز عنه من واجبات الطواف، مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة، ومن به سلس البول، فإنه يطوف ولا شيء عليه، باتفاق الأئمة. وقال: وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عريانا، وكذلك المرأة الحائض، إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضًا، بحيث لا يمكن التأخر بمكة، في أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف، ومن المعلوم أن الشريعة لا تأتي بسوى هذا، فتطوف بالبيت والحالة، هذه، وتكون هذه ضرورة، مقتضية لدخول المسجد مع الحيض، والطواف معه، وليس في هذا ما يخالف قواعد الشريعة، بل يوافقها، إذ غايته سقوط الواجب، أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجب في الشريعة مع العجز، ولا حرام مع ضرورة، وتتلجم، كما أبيح للمستحاضة دخول المسجد للطواف، إذا تلجمت اتفاقا لأجل الحاجة، وحاجة هذه أولى فلا يمتنع الإذن لها في دخول المسجد، لهذه الحاجة التي تلتحق بالضرورة هذا إذا قيل: إنها ممنوعة من المسجد، وأما أن عبادة الطواف لا تصح مع الحيض كالصلاة فغايته، أن تكون الطهارة شرطًا من شروط الطواف، فإذا عجزت عنه سقط، كما لو انقطع دمها، وتعذر عليها الاغتسال، والتيمم، فإنها تطوف على حسب حالها، كما تصلي بغير طهور لقوله: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وهذه قد اتقت الله ما استطاعت فليس عليها غيره، بالنص وقواعد الشريعة، والأشبه: لا يجب عليها دم، لأن الطهارة واجب يؤمر به مع القدرة، لا مع العجز، وأحمد يقول: لا دم عليها، كما صرح به فيمن طاف جنبا وهو ناسٍ. وقال ابن القيم: بل تفعل ما تقدر عليه من مناسك الحج، ويسقط عنها ما تعجز عنه من الشروط والواجبات، ومن المعلوم أن الشريعة لا تأتي بسوى هذا. وذكر أنه لم يدل على اشتراط الطهارة للطواف نص ولا إجماع، وإذا لم يمكنها إلا على غير طهارة، فليس عليها غيره، بالنص، وقواعد الشريعة. وقال: لم تفرط ولم تترك ما أمرت به، فإنها لم تؤمر بما لا تقدر عليه، وقد لا يمكنها السفر مرة ثانية، فإذا قيل: تبقى محرمة إلى أن تموت، فهذا لا يكون مثله في دين الإسلام، فتطوف وتكون هذه ضرورة مقتضية لدخول المسجد مع الحيض، والطواف معه.