(٢) قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب إجماعًا، للنهي الأكيد، والوعيد الشديد قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} حاملا له على عنقه، وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، والأحاديث في تحريم الغلول مستفيضة متعددة، منها قوله صلى الله عليه وسلم، «أدوا الخيط والمخيط، فإن الغلول عار ونار على أهله يوم القيامة» رواه أحمد وغيره، ومنها قوله: «لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة بكذا، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد بلغتك» وقوله: «إن الشملة لتلتهب عليه نارًا» متفق عليهما. واتفق المسلمون على تحريم الغلول للآية والأحاديث، وأجمعوا على أن على الغال رد ما غله، ويؤخذ للمغنم، ومن ستر على غال، أو أخذ مما أهدي له منها، أو باعه إمام أو جاب فهو غال، وقال الشيخ: وما أخذه العمال وغيرهم من مال المسلمين بغير حق، فلولي الأمر العاد استخراجه منهم، كالهدايا التي يأخذونها بسب العمل، قال أبو سعيد: هدايا العمال غلول، وروي مرفوعًا، ويشهد له قصة ابن اللتبية، وكذلك محاباة الولاة في المعاملة من المبايعة والمؤاجرة والمضاربة والمساقاة والمزارعة ونحو ذلك هو من نوع الهدية، ولهذا شاطرهم عمر، لما خصوا به لأجل الولاية من محاباة وغيرها، لأنه إمام عادل يقسم بالسوية. وقال الشيخ: وعمال الفيء إذا خانوا فيه، وقبلوا هدية أو رشوة، فمن فرض له دون أجرته، أو دون كفايته عياله بالمعروف، لم يستخرج منه ذلك القدر، وإن قلنا: لا يجوز لهم الأخذ خيانة، فإنه يلزم الإمام الإعطاء.