للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب المناسك (١)


(١) الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، ودعائمه الخمس، وقواعده، قال الله تعالى {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} أي: ولله على الناس فرض واجب حج البيت، فحرف (علي) للإيجاب، لا سيما إذا ذكر المستحق، واتبعه بقوله (ومن كفر) فسمى تعالى تاركه كافرًا فدل على كفره، وحيث دل على كفره، فقد دل على آكدية ركنيته، وأما من لم يعتقد وجوبه فهو كافر إجماعًا. وقال {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} فأذن فيهم الخليل عليه السلام: إن لربكم بيتًا فحجوه. وللترمذي وغيره - وصححه - عن علي مرفوعًا «من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا» .
وورد فيه أحاديث كثيرة (منها) «بني الإسلام على خمس» وذكر الحج، ولأحمد وغيره بسند حسن عن عياش مرفوعًا «إن هذه الأمة لا تزال بخير، ما عظموا هذه الحرمة» يعني الكعبة «حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا» .
وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروضه، إجماعًا ضروريًا، وهو من العلم المستفيض، الذي توارثته الأمة خلفًا عن سلف، والحكمة والله أعلم، أنه إنما وضع البيت، وأوجب حجه {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} كما ذكر الله في كتابه، لا لحاجة به تعالى إلى الحجاج، كما يحتاج المخلوق إلى من يقصده ويعظمه {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وأخر الحج عن الصلاة، والزكاة، والصوم، لأن الصلاة عماد الدين، ولشدة الحاجة إليها، ولتكررها كل يوم خمس مرات، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، ثم الزكاة لكونها قرينة لها، في أكثر المواضع
من الكتاب والسنة، ولشمولها المكلف وغيره، ثم الصوم، لتكرره كل سنة، لكن البخاري قدم الحج على الصوم، للتغليظ في تركه، ولعدم سقوطه بالبدل، وترجم المصنف كالمقنع وغيره «بالمناسك» وترجم غيرهم بـ «الحج» .

<<  <  ج: ص:  >  >>