للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمنى الموت (١) .


(١) أي ويكره تمني الموت لضر نزل به من مرض، أو ضيق دنيا أو غير ذلك، لحديث «لا يتمنين أحدكم الموت، ولا يدع به من قبله أن يأتيه، إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا» رواه مسلم، ولأحمد وغيره «وإن من السعادة أن يطول عمر العبد، حتى يرزقه الله الإنابة» وعن بعض السلف: إن كان من أهل الجنة فالبقاء خير له، وإن كان من أهل النار فما يعجله إليها. وعن أنس «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» متفق عليه، ولهما «لا يتمنن أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله يزداد، وإما مسيئًا فلعله أن يستعتب» ولما في التمني المطلق من الاعتراض ومراغمة القدر، وفي هذه الصورة ونحوها نوع تفويض وتسليم للقضاء، والمرض كفارة له، وموعظة في المستقبل.
وأما تمني الموت لضرر في الدين، أو وقوع في فتنة ونحوها فلا يكره، بل
يستحب، للحديث المشهور «وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون» صححه الترمذي وغيره، ولقوله {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} وقال عن مريم {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} ولعل المراد أيضًا مع عدم الضرر، لحديث عمار «اللهم بعلمك الغيب؛ وقدرتك على الخلق، أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» الحديث رواه أحمد وغيره بسند جيد، ومراد الأصحاب غير تمني الشهادة، فإنه مستحب، لا سيما عند حضور أسبابها، لما ثبت في الصحيح وغيره عنه - صلى الله عليه وسلم - «من تمنى الشهادة خالصًا من قلبه، أعطاه الله منازل الشهداء» وفيه عن عمر قال: «اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>