للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن يحرم عليه الإضرار بغريمه (١) (ومن باعه أو أقرضه شيئًا) قبل الحجر، ووجده باقيًا بحاله (٢) ولم يأْخذ شيئًا من ثمنه، فهو أحق به (٣) لقوله عليه السلام «من أدرك متاعه عند إنسان أَفلس فهو أحق به» متفق عليه، من حديث أبي هريرة (٤) .


(١) استدراك من قوله: وأما تصرفه في ماله. يفيد أنه لا يفهم من عموم الصحة عدم الحرمة، بل يكون صحيحًا مع الحرمة، وقال ابن القيم: إذا استغرقت الديون ماله، لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون، سواء حجر عليه الحاكم، أو لم يحجر عليه، هذا مذهب مالك، واختيار شيخنا، وهو الصحيح، وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره، بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده، لأن حق الغرماء قد تعلق بماله، ولهذا يحجر عليه الحاكم، ولولا تعلق حق الغرماء بماله، لم يسع الحاكم الحجر عليه، فصار كالمريض مرض الموت، وفي تمكين هذا المدين من التبرع، إبطال حقوق الغرماء، والشريعة لا تأتي بمثل هذا، فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق، بكل طريق، وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها. اهـ. ونصره غير واحد من أهل التحقيق، وجزم به ابن رجب وغيره، وعليه: لو رهن بعد أن ضاق ماله لم يصح. وصوبه في الإنصاف.
(٢) أي ما باعه أو أقرضه ونحوه لم ينقص ماليته، لذهاب صفة مع بقاء عينها وكذا عين مؤجرة لم يمض من المدة شيء، فهو أحق بذلك، إن شاء الرجوع فيه.
(٣) أي ولم يأخذ البائع ونحوه شيئًا من الثمن، ولا أبرأ من بعضه، فهو أحق به، وهذا مذهب الجمهور.
(٤) أي من أدرك متاعه بعينه، لم يتغير بصفة، ولا زيادة، ولا نقص،
«عند رجل قد أفلس» أي صار إلى حال لا يملك فيها فلسا «فهو أحق به» من غيره أي من الغرماء، فيأخذه دون الغرماء، ولمسلم في الرجل الذي يعدم «إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه، أنه لصاحبه الذي باعه» ولأحمد عن الحسن عن سمرة مرفوعًا: «من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به» حسنه الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>