للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو صلى إلى جهة الباب أو على ظهرها ولا شاخص متصل بها لم تصح، ذكره في المغني والشرح عن الأصحاب، لأنه غير مستقبل لشيء منها، وقال في التنقيح: اختاره الأكثر (١) وقال في المغني: الأولى أنه لا يشترط، لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها دون حيطانها (٢) ولهذا تصح على جبل أبي قبيس وهو أعلى منها (٣) وقدمه في التنقيح، وصححه في تصحيح الفروع (٤) قال في الإنصاف: وهو المذهب على ما اصطلحناه (٥) .


(١) واستقر عليه الأمر زمن ابن الزبير كما سيأتي.
(٢) أي هوائها المسامت لها، الخالي من شاخص منها إذا صلى على عال منها أو نازل عن مسامته بنيانها، لأن المقصود البقعة لا الجدار بدليل ما لو انهدمت والعياذ بالله، وإن لم يبق بين يديه شيء من البيت لم تصح، قال الآمدي: إجماعا.
(٣) أي من الكعبة المشرفة، والجبل مشهور مشرف على البيت المعظم من جهة الشرق، وأسفله الصفا، وأعلى من الجبل جبال الحجاز، وأنزل من الكعبة ما تباعد مسافات من سائر الجهات عنها.
(٤) واختاره المجد وابن تميم وصاحب الحاوي والفائق وغيرهم، وقطع به في المنتهى وغيره.
(٥) لفظه في الإنصاف: ما أسلفناه، والمعنى صحيح على كلا اللفظين، واصطلاحه في خطبة الإنصاف أن الاعتماد في معرفة المذهب على ما قاله المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع والقواعد والوجيز والرعايتين والنظر والخلاصة
والشيخ تقي الدين وأشباههم فإن اختلفوا فالمذهب ما قدمه صاحب الفروع، فإن اختلف فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان المصنف والمجد ووافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه، وهذا في الغالب، فإن اختلفا فالمذهب مع من وافقه صاحب القواعد، أو الشيخ تقي الدين، وإلا فالمصنف، ولا سيما في الكافي ثم المجد اهـ.
وقال شيخ الإسلام: الواجب استقبال البنيان، وأما العرصة والهواء فليس بكعبة ولا ببناء، وأما ما ذكروه من الصلاة على أبي قبيس ونحوه، فإنما ذلك لأن بين يدي المصلي قبلة شاخصة مرتفعة، وإن لم تكن مسامته، فإن المسامتة لا تشترط كما لم تكن مشروطة في الإئتمام بالإمام، وأما إذا زال بناء الكعبة فنقول بموجبه، وأنه لا تصح الصلاة حتى ينصب شيئا يصلي إليه، لأن أحمد جعل المصلي على ظهر الكعبة لا قبلة له، فعلم أنه جعل القبلة الشيء الشاخص، وكذا قال الآمدي وذكر قوله ثم قال: ولأنه علل ذلك بأنه إذا صلى إلى سترة فقد صلى إلى جزء من البيت، فعلم أن مجرد العرصة غير كاف، ويدل على هذا ما ذكره الأزرقي، أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير: لا تدع الناس بغير قبلة، انصب لهم حول الكعبة الخشب واجعل الستور عليها حتى يطوف الناس من ورائها، ويصلون إليها، ففعل ذلك ابن الزبير، وهذا من ابن عباس وابن الزبير دليل على أن الكعبة التي يطاف بها، ويصلى إليها لا بد أن تكون شيئا منصوبا شاخصا، وأن العرصة ليست قبلة، ولم ينقل أن أحدا من السلف خالف في ذلك، ولا أنكره، نعم لو فرض أنه قد تعذر نصب شيء من الأشياء موضعها، بأن يقع ذلك إذا هدمها ذو السويقيتين فهنا ينبغي أن يكتفي حينئذ باستقبال العرصة، كما يكتفي المصلي أن يخط خطا إذا لم يجد سترة، فإن قواعد إبراهيم كالخط.

<<  <  ج: ص:  >  >>