للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإسلام والعقل، شرطان للوجوب والصحة (١) والبلوغ وكمال الحرية، شرطان للوجوب والإجزاء، دون الصحة (٢) .


(١) فلا يجبان على كافر أصلي إجماعًا، ولا على مرتد وفاقًا، ويعاقب عليه، وعلى سائر فروع الإسلام، كما تقدم، ولا يجبان عليه باستطاعته في حال ردته فقط، وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك، ولا تبطل استطاعته بردته، وإن حج ثم ارتد، ثم أسلم وهو مستطيع لم يلزمه، وفاقًا للشافعي، ولا يصحان منه إجماعًا، لأنهما عبادة من شرطها النية، وهي لا تصح من كافر، ولأنه ممنوع من دخول الحرم، وهو مناف له، وينعقد إحرامه معه ابتداء، بخلاف الردة إجماعًا، ولا يبطل إحرامه، ويخرج منهما بها، وهو مذهب أبي حنيفة، لعموم {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ولا يجبان على مجنون إجماعًا، ولا يصحان منه إن عقده بنفسه إجماعًا، لأنه لا قصد له، وقصد الفعل شرط، وكذا لو عقده له وليه، وقيل: يصح. وهو مذهب مالك والشافعي، ولا تبطل استطاعته بجنونه، ولا إحرامه به، قياسًا على الصوم اتفاقًا، ولا يبطل الإحرام بالإغماء، والسكر، والموت.
(٢) فلا يجبان على الصغير وفاقًا، للخبر، لأنه غير مكلف، ولاشتمال الحج على المال والبدن، وفي نيته قصور، ولا يجبان على القن وفاقًا، لأن مدتهما تطول، فلم يجبا عليه، لما فيه من إبطال حق السيد، والمشغول بالحاجة الأصلية كالمعدوم شرعًا، ولأنه لا مال له، وكذا مكاتب، ومدبر، وأم ولد، ومعتق بعضه وفاقًا، وحكاه ابن الهمام إجماعًا، وإن فعلا انعقد وفاقًا، لحديث ابن عباس: أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيًا، فقالت: ألهذا حج؟ قال «نعم، ولك أجر» رواه مسلم، ولأن العبد من أهل العبادة، فصحا منه كالحر، ولا يجزئ عن حجة الإسلام وعمرته بعد زوال المانع، وعليهما الحج والعمرة بعد البلوغ والعتق، لقول ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى» رواه أحمد، والشافعي والبيهقي، وغيرهم، والحاكم وصححه، ولأنهم فعلوا قبل وجوبه، فلم يجزئهم إذا صاروا من أهله، حكاه ابن عبد البر وغيره إجماعًا، وهو قول عامة أهل العلم إلا شذوذًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>