للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في الكفالة (١)

وهي التزام رشيد إحضارَ من عليه حق مالي لربه (٢) وتنعقد بما ينعقد به ضمان (٣) وإن ضمن معرفته أَخذ به (٤) .


(١) الكفالة مصدر "كفل" بمعنى التزم، وهي صحيحة بالكتاب والسنة، وحكي إجماعًا، قال تعالى {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} ولأبي داود في رجل لزم غريما له حتى يقضي، أو يأتي بحميل، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنا أحمل» ولأن الحاجة داعية إلى الاستيثاق بضمان المال أو البدن، وضمان المال يمتنع منه كثير من الناس، فلو لم تجز الكفالة بالنفس لأدى إلى الحرج، وعدم المعاملات المحتاج إليها.
(٢) أي والكفالة التزام رشيد – برضاه، ولو مفلسا، أو قنا، أو مكاتبا بإذن سيد – إحضار من تعلق به حق مالي من دين، أو عارية ونحوها لرب الحق، لأن العقد في الكفالة واقع على بدن المكفول به، فكان إحضاره هو الملتزم به كالضمان، ولو كان المكفول به صبيا أو مجنونًا وبغير إذن وليهما، لأنه قد التزم إحضارهما مجلس الحكم.
(٣) أي من الألفاظ السابقة كلها، نحو: أنا ضمين ببدنه، وزعيم به. بإضافة ذلك لإحضار المكفول، فهي نوع من الضمان، فيؤخذ منه صحتها ممن يصح ضمانه، ولو قال: ضمنت. ونحوه لم يصح، والفرق بين الضمان والكفالة أن الضمان أضيق منها، بدليل أنه لا يبرأ الضامن من الضمان إلا بالأداء أو الإبراء، بخلاف الكفالة فإنها تسقط عنه بموت المكفول عنه، وبتلف العين مثلا.
(٤) أي وإن ضمن الرشيد معرفة المستدين، كما لو جاء إنسان ليستدين من إنسان، فقال: أنا أعرفك، فلا أعطيك. فقال: ضمنت لك معرفته. أي
أعرفك من هو، وأين هو، أخذ بإحضاره، فإن غاب المستدين، أو توارى، طولب بحضوره، ولا يكفي أن يذكر اسمه ومكانه، فإن عجز عن إحضاره مع حياته ضمن ما عليه، وقاله الشيخ وغيره، وقال ابن عقيل: جعل أحمد ضمان المعرفة توثقة لمن له المال، فكأنه قال: ضمنت لك حضوره متى أردت، لأنك لا تعرفه، ولا يمكنك إحضار من لا تعرفه، فأحضره لك متى أردت، فصار كقوله: تكفلت ببدنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>