للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب صوم التطوع (١)

وفيه فضل عظيم (٢) لحديث «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة، ضعف، فيقول الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به» (٣) .


(١) وما نهي عن صومه، وذكر ليلة القدر، وما يتعلق بذلك، «وتطوع بالشيء» تبرع به، وتقدم.
(٢) كما دلت عليه الآيات والأحاديث، وقال أحمد: الصوم أفضل ما تطوع به.
(٣) فإنه أحب العبادات إليه، ولا ينحصر تضعيفه، ومن الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وخصه تعالى بإضافته إليه، قال «يدع طعامه، وشرابه من أجلي» وله من الفضائل والمثوبة، ما لا يحصيه إلا الله، لأنه سر بين الله وبين عبده، لا يطلع عليه سواه، فلا يكون العبد صائمًا حقيقة، إلا وهو مخلص في الطاعة، وقيل: لأنه لا يدخله الرياء، وقيل: جميع العبادات، عبد المشركون بها آلهتهم، إلا الصوم. فلذلك قال الله تعالى «إلا الصوم فإنه لي» لأنه يدع طعامه، وشرابه، وشهواته، من أجل ربه في صورة من لا حاجة له في الدنيا إلا رضى الله «وأنا أجزي به» لأنه لم يشاركني فيه أحد، ولا عبد به غيري، لأنه ليس يظهر من ابن آدم بلسانه، ولا يفعل فتكتبه الحفظة، إنما هو نية في القلب، وإمساك عن حركة المطعم، والمشرب، والجماع، فأنا أتولى الجزاء عليه بنفسي، على قدر اختصاصه بي، فدل على عظم فضل الصوم، والحث عليه، وكثرة ثوابه، لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء، اقتضى عظم قدر الجزاء، وسعة العطاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>