للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلى الله عليه وسلم «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس» رواه الترمذي وصححه (١) .


(١) قال الشيخ: أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم، والأصل أن الله علق الحكم بالهلال والشهر، والهلال اسم لما يستهل به، أي يعلن به، ويجهر به، فإذا طلع في السماء، ولم يعرفه الناس، ويستهلوا، لم يكن هلالاً، وكذا الشهر، مأخوذ من الشهرة، فإن لم يشتهر بين الناس، لم يكن الشهر قد دخل، ولأبي داود نحو حديث أبي هريرة، عن عائشة وأبي موسى، أن رجلين قدما المدينة، وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صيامًا، فأتيا عمر فذكرا ذلك له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر. قال: ما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال. وقال للآخر، قال: أنا صائم. قال: ما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام. فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا، لأوجعت رأسك. ثم نودي في الناس: أن أخرجوا. رواه سعيد. وهو وإن اعتقده من شوال يقينًا، فلا يثبت به اليقين في نفس الأمر، لجواز أنه خيل إليه، فينبغي أن يتهم في رؤيته، احتياطًا للصوم، وموافقة للجماعة.
وتقدم قول الشيخ في صومه؛ ففي فطره أولى، ولأنه لا يسمى هلالاً إلا بالظهور والاشتهار، كما دل عليه الكتاب والسنة، وقال: والسبب أن الفطر يوم يفطر الناس، وهو يوم العيد، والذي صامه، المنفرد برؤية الهلال، ليس هو يوم العيد، الذي نهي عن صومه، والمنفرد بمفازة يبني على يقين رؤيته، لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة، وإن رآه عدلان، ولم يشهدا عند الحاكم، جاز لمن سمع شهادتهما الفطر، إذا عرف عدالتهما، ولكل واحد منهما أن يفطر بقولهما، إذا عرف عدالة الآخر، هذا كلامهم، وهو واضح فيمن كان بمكان ليس فيه غيره، وإلا فمع الجماعة، وإن شهدا عند الحاكم، فرد شهادتهما، لجهله بحالهما، فلمن علم عدالتهما الفطر، كما لو ثبتت عدالتهما بعد ذلك، وإن ردت فلا. وقال في الفروع: إن رآه عدلان، ولم يشهدا عند الحاكم، أو شهدا فردهما، لجهله بحالهما، لم يجز لأحدهما، ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما، في قياس المذهب، قاله المجد؛ ولما فيه من الاختلاف، وتشتيت الكلمة، وجعل مرتبة الحكم لكل إنسان؛ قال الشيخ: وما ثبت من الحكم، لا يختلف الحال فيه، مجتهدًا، مصيبًا كان أو مخطئًا أو مفرطًا، فإنه إذا لم يظهر الهلال ويشتهر، لم يصر هلالاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>