(٢) في الجملة لما في الصحيحين وغيرهما، قال «إنه ليسمع خفق نعالهم» وقال في قتلى بدر «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» وقال «إنهم ليسمعون الآن» وأمر بالسلام على أهل القبور، ولم يكن ليأمر بالسلام على من لا يسمع، وغير ذلك من البراهين الدالة على أن الميت يسمع في الجملة، وقال الشيخ، وابن كثير وغيرهما: سماع الموتى هو الصحيح من كلام أهل العلم، وهذا السمع سمع إدراك، لا يترتب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفي في القرآن، وإن سمع فلا يمكنه إجابة الداعي، ولا ينتفع بالأمر والنهي، ولا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع بحال دون حال، كما يعرض للحي. (٣) قال ابن القيم: والأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء، علم به المزور، وسمع كلامه، وأنس به، ورد عليه، وذلك عام في حق الشهداء وغيرهم، ولا توقيت في ذلك. اهـ. وقال شيخ الإسلام: استفاضت الآثار بمعرفة الميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا، وأن ذلك يعرض عليه، وجاءت الآثار بأنه يرى، ويدري بما فعل عنده، ويُسَرُّ بما كان حسنًا، ويتألم بما كان قبيحًا. وقال: جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم، وعرض أعمال الأحياء على الأموات، فيجتمعون إذا شاء الله، كما يجتمعون في الدنيا، مع تفاوت منازلهم، وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا أو متقاربة، لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل، والأسفل لا يصعد إلى الأعلى، وللروح اتصال بالبدن متى شاء الله، وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض، وانتباه النائم، كما تظاهرت به الآثار، وقال مالك: بلغنا أن الأرواح مرسلة، تذهب حيث شاءت.