للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لم يكن حيلة (١) .


(١) نص عليه وقال: إن أراد إحياء ماله لم يصح، ولم يجزئه، وقيده في الوجيز وغيره بعدم الحيلة، قال بعضهم: المراد بالحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه، فلا يجزئه، لأن من شرطها تمليكًا صحيحًا، فإذا شرط الرجوع لم يوجد، ولأنها لله، فلا يصرفها إلى نفعه. وقال ابن القيم: إذا أفلس، وأعطاه منها بقدر ما عليه، فيصير مالكًا للوفاء، فيطالبه به، وهذه حيلة باطلة، سواء شرط عليه الوفاء، أو منعه من التصرف فيما دفعه إليه، أو ملكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة، ولا يعد مخرجًا لها، لا شرعًا ولا عرفًا، كما لو أسقط دينه، وحسبه من الزكاة.
وقال الشيخ: الذي عليه الدين لا يعطيه، ليستوفي دينه، وقال في إسقاط الدين عن المعسر: أما زكاة العين فلا يجزئ بلا نزاع، وأما قدر زكاة دينه، ففيه قولان، أظهرهما الجواز، لأن الزكاة دين، وهنا قد أخرج من جنس ما يملك، بخلاف ما إذا كان ماله عينًا، وأخرج دينًا، فالذي أخرجه دون الذي يملك، فكان بمنزلة إخراج الخبيث عن الطيب، وهذا لا يجوز، ومنع صلى الله عليه وسلم المتصدق من شراء صدقته، ولو وجدها تباع في السوق، سدًا لذريعة العود فيما خرج عنه لله، ولو بعوضه، فإن المتصدق إذا منع من تملك صدقته بعوضها، فتملكه إياها بغير عوض أشد منعًا، وأفطم للنفوس عن تعلقها بما خرجت عنه لله.
قال ابن القيم: والصواب ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم، من المنع من شرائها مطلقًا، ولا ريب أن في تجويز ذلك، ذريعة إلى التحيل على الفقير، بأن يدفع إليه صدقة ماله، ثم يشتريها منه، بأقل من قيمتها، فمن محاسن الشريعة، سد هذه الذريعة. وقال: العلة الثانية قطع طمع نفسه عن العود في شيء أخرجه لله، بكل طريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>