للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وله تأخيره) أي تأخير الطواف عن أيام منى (١) لأن آخر وقته غير محدود كالسعي (٢) (ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا) (٣) لأن سعيه أولا كان للعمرة فيجب أن يسعى للحج (٤) .


(١) لأنه تعالى أمر بالطواف مطلقا، فمتى أتى به صح، قال الشارح: بغير خلاف، وظاهره أنه لا دم عليه بتأخيره.
(٢) قال في الإنصاف: وإن أخره عنه، وعن أيام منى جاز بلا نزاع وقال الشيخ: ينبغي أن يكون في أيام التشريق، فإن تأخيره عن ذلك فيه نزاع اهـ فالمذهب كقول الشافعي، أن آخره غير موقت، وعند أبي حنيفة: أيام التشريق ومالك: ذي الحجة، والتعجيل أفضل، فإن أخره فعليه دم.
(٣) هذا المذهب وهو إحدى الروايات عن أحمد، ومذهب أبي حنيفة.
(٤) وقال أحمد: إن طاف طوافين بين الصفا والمروة فهو أجود وإن طاف طوافا واحدا فلا بأس، وقال: وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي، قال الشيخ وهذا منقول عن غير واحد من السلف، وعنه: يجزئه سعي واحد، قال ابن عباس: المفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، واختاره الشيخ، وقال، هو أصح أقوال جمهور العلماء، وأصح الروايتين عن أحمد، فإن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف، وأكثرهم متمتعون وحلف على ذلك طاوس، وثبت مثله عن ابن عمر، وابن عباس وجابر، وغيرهم وهم أعلم الناس بحجه صلى الله عليه وسلم وذكر ابن القيم رواية أبي داود، ولم يطف بين الصفا والمروة، وفيه اكتفاء المتمتع بسعي واحد.
وقال الشيخ: لم ينقل أحد منهم أن أحدا منهم طاف وسعى، ثم طاف وسعى.
ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقله أحد علم أنه لم يكن، وعمدة من قال بالطوافين ما روى أهل الكوفة عن علي، وابن مسعود، وعن علي: أن القارن يكفيه طواف واحد، وسعي واحد، خلاف ما رواه عنه أهل الكوفة، قال ابن حزم: وما روي في ذلك عن الصحابة لم يصح منه ولا كلمة واحدة، قال الشيخ: فإذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه، كما يجزئ المفرد والقارن، وهو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا، طوافه الأول.
وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين، لكن هذه الزيادة قيل: إنها من قول الزهري، وقال ابن القيم: قيل: من كلام عروة اهـ قال الشيخ: وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب طوافان بالبيت، وهذا ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر، ويؤيده «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» فالمتمتع من حيث أحرم بالعمرة دخل بالحج، لكنه فصل بتحلل، ليكون أيسر على الحاج، وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>