ينبغي لكل مبتدئ في فن من فنون العلم أن يعرف مبادئه قبل الشروع فيه، ولما كان فن الفقه من أنفع العلوم وأهمها، كما قال ابن الجوزي رحمه الله:«الفقه عليه مدار العلوم، فإن اتسع الزمان للتزيد فليكن من الفقه، فإنه الأنفع، وقيد المهم من كل علم، فهو سيد العلوم» انتهى، فلذلك نذكر المبادئ العشرة المشارة إليها في قول بعضهم، ونمثل لها بالفقه وهي هذه:
إن مبادئ كل فن عشره ... الحد والموضوع ثم الثمره
وفضله ونسبة والواضع ... والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائل والبعض بالبعض اكتفى ... ومن درى الجميع حاز الشرفا
فالمهم من ذلك معرفة الحد وهو أصل كل علم، ومعناه الوصف المحيط الكاشف عن ماهية الشيء، وشرطه طرد وعكس، ومعنى الطرد إدخال المحدود، والعكس إخراج ما عداه، فإن لم يطرد وينعكس فليس بحد، والموضوع وهو ما يقصد بيانه، والثمرة ويقال لها الفائدة أيضا، وهي ما ينتجه، إذا عرفت ذلك فحد الفقه: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، وموضوعه أعمال المكلفين من العبادات والمعاملات، وثمرته الاحتراز من الخطأ في القيام بالعبودية، وفضله ما فضل به على غيره، ونسبته إلى العلوم كنسبة الفرع إلى أصله، والواضع هو الله تعالى، والاسم يعني الفقه، والاستمداد يعني من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وحكمه أنه فرض عين فيما يجب، وفرض كفاية فيما زاد على ذلك، ومسائله ما يذكر في كل باب من أبوابه، وهي جمع مسألة وهي القضايا المبرهن عنها في العلم، ويقال في كل فن من العلم كما في فن الفقه، فافهم ذلك والله أعلم.