للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والمحرم) من الرضاع (خمس رضعات) (١) لحديث عائشة قالت: أنزل في القرآن «عشر رضعات معلومات يحرمن» فنسخ من ذلك خمس رضعات، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك؛ رواه مسلم (٢) .

وتحرم الخمس إذا كانت في الحولين (٣) لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (٤) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا يحرم من الرضاع، إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام» قال الترمذي: حديث حسن صحيح (٥) .


(١) هذا هو المشهور عن أحمد، ومذهب الشافعي.
(٢) وكان بعض الناس يقرأ (خمس رضعات) ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده، فلما بلغهم رجعوا، وأجمعوا على أنه لا يتلى، وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم، وهو مبين لما أجمل من الآية، والأحاديث، ويشهد له حديث سهلة، فإنها أرضعت سالما خمس رضعات.
(٣) حكاه الوزير وغيره اتفاقا، واختار الشيخ ثبوت الحرمة بالرضاع إلى الفطام ولو بعد الحولين، أو قبلهما، وفي الاختيارات، الارتضاع بعد الفطام، لا ينشر الحرمة، وإن كان دون الحول.
(٤) فدلت الآية على أن الرضاع المعتبر، في الحولين.
(٥) أي: لا يحرم من الرضاع إلا ما وصل إلى الأمعاء ووسعها، فلا يحرم القليل الذي لم ينفذ إليها ويوسعها، ولا يحرم إلا ما كان قبل الفطام، يعني في زمن الصغر وقام مقام الغذاء، قبل الفطام، ولو كان قبل كمال الحولين، ولأبي داود «إلا ما أنشز» ، أي شد وقوي، «العظم، وأنبت اللحم» ، ولا يكون إلا في سن الصغر، وهو مذهب جمهور العلماء.
وذهبوا إلى أنه مهما كان في الحولين، فإن رضاعه يحرم، ولا يحرم ما كان بعدهما، وفي الصحيحين «إنما الرضاعة من المجاعة» ، أي الواقعة في زمن الإرضاع فالذي تثبت به الحرمة، حيث يكون الرضيع طفلا، يسد اللبن جوعه، وينبت لحمه، فيكون ذلك جزءا منه.
وفي صحيح مسلم أن سهلة قالت: يا رسول الله إن سالما مولى أبي حذيفة، معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال: «أرضعيه تحرمي عليه» ولهذا كانت عائشة تأمر أختها، وبنات أخيها، يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، ويروى عن علي، ولما قالت أم سلمة: إنه خاص بسالم، قالت عائشة: أما لكم في رسول الله أسوة حسنة، فدل الحديث أنه يحرم عند الحاجة، وقال الشيخ: ينشر الحرمة، بحيث يبيح الدخول والخلوة، إذا كان قد تربى في البيت بحيث لا يحتشمون منه، للحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>