وقال شيخ الإسلام: أما القنوت في صلاة الفجر، فقد ثبت في الصحيح أنه كان يقنت في النوازل، قنت مرة شهرا، يدعو على قوم من الكفار قتلوا طائفة من أصحابه، ثم ترك، وقنت مرة يدعو لأقوام من أصحابه، كانوا مأسورين عند قوم يمنعونهم من الهجرة إليه، وكذلك خلفاؤه الراشدون بعده، كانوا يقنتون نحو هذا القنوت، فما كان داوم عليه، وما كان بدعة بالكلية، وللعلماء فيه ثلاثة أقوال، أصحها أنه يسن عند الحاجة، كما قنت الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وهو الذي عليه أهل الحديث، وكيف يكون يقنت دائما في الفجر أو غيرها، ويدعو بدعاء راتب؟ ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم لا في خبر صحيح، ولا ضعيف، بل أصحابه الذين هم أعلم الناس بسنته، وأرغب الناس في اتباعها، كابن عمر وغيره، أنكروا ذلك حتى قال ابن عمر: ما رأينا ولا سمعنا، وكذلك غيره من الصحابة، عدوا ذلك من الأحداث المبتدعة، ومن تدبر السنة علم علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت دائما في شيء من الصلوات وقال ابن القيم: لم يكن يخص القنوت في النوازل بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها لأجل ما شرع فيها من الطول، ولاتصالها بصلاة الليل، وقربها من السحر، وساعة الإجابة.