للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يختص بالمقاتلة، ويبدأ بالأهم فالأهم (١) .


(١) قاله الشيخ وغيره، وقال: يبدأ بالأهم فالأهم من مصالح المسلمين، المقاتلة الذين هم للنصرة والجهاد، وهم أولى الناس بالفيء لأنه لا يحصل إلا بهم، حتى قيل: إن مال الفييء مختص بهم، ولا يجب عطاء إلا لبالغ، عاقل، حر، صحيح يطيق القتال، ومن مات بعد حلوله، دفع لورثته حقه، وصغار أولاده كفايتهم، فإذا بلغ ذكرهم أهلا فرض له إن طلب، وإلا ترك، قال عمرك ما أحد منا بأحق به من أحد، إلا أنا على منازلنا من كتاب الله، الرجل وقدمه، والرجل وبلاؤه، والرجل وغناؤه، والرجل وحاجته.
قال الشيخ: «بلاؤه» هو الذي يجتهد في قتال الأعداء، «وغناؤه» هو الذي يغني عن المسلمين في مصالحهم، كولاة أمورهم، ومعلميهم، وأمثال هؤلاء، والرجل وسابقته، وهو من كان من السابقين الأولين، فإنه كان يفضلهم في العطاء على غيرهم، والرجل وفاقته، فإنه كان يقدم الفقراء على الأغنياء، وذكر نحوه ثم قال: وإذا عرفت أن العطاء بحسب منفعة الرجل، وبحسب حاجته في حال المصالح، وفي الصدقات أيضا، علمت أنه يبدأ بالأهم فالأهم.
قال: فإنه مع وجود المحتاجين، كيف يحرم بعضهم، ويعطي لغني لا حاجة له، ولا منفعة به، لا سيَّما إذا ضاقت أموال بيت المال عن إعطاء كل المسلمين، غنيهم وفقيرهم فكيف يعطى الغني الذي ليس فيه نفع عام، ويحرم الفقير المحتاج، بل الفقير النافع أولى.
قال: ولا يجوز لولي الأمر أن يعطي أحدًا ما لا يستحقه، لهوى نفسه، من قرابة، أو مودة أو نحو ذلك، وليس لولاة الأمور أن يقسموها بحسب أهوائهم، كما يقسم المالك ملكه، فإنما هم أمناء، ونواب، ووكلاء، ونص العلماء أنه يجب أن يقدم في مال الفيء والمصالح أهل المنفعة العامة، وإذا كان العطاء لمنفعة
المسلمين لم ينظر إلى الآخذ، هل هو صالح النية أو فاسدها؟ وإنما العطاء بحسب مصلحة دين الله.
قال: فأقوام من ذوي الحاجات، والدين، والعلم، لا يعطى أحدهم كفايته، ويتمزق جوعًا، وهو لا يسأل، ومن يعرفه فليس عنده ما يعطيه، وأقوام يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله، وأقوام لهم رواتب فوق حاجاتهم، وقوم لهم رواتب مع غناهم، وعدم حاجتهم، ولا يستريب مسلم أن السعي في تمييز الحق من غيره، والعدل بين الناس بحسب الإمكان، من أفضل أعمال ولاة الأمور، بل ومن أوجبها عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>