للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجلدين، وقال «إن شئتما أعطيتكما منها، ولاحظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب» (١) (وصدقة التطوع مستحبة) (٢) .


(١) رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي وغيرهم، من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر، ورآهما جلدين، الحديث، وللنسائي، في الذي وضعها في يد غني قال «قد تقبلت» وتقدم حديث الذي أخذ ولده صدقته، فقال صلى الله عليه وسلم «لك ما نويت، وله ما أخذ» قال ابن رجب وغيره: ولهذا لو دفع صدقته إلى من يظنه فقيرًا، وكان غنيًا في نفس الأمر، أجزأته على الصحيح، لأنه إنما دفع إلى من يعتقد استحقاقه، والفقر أمر خفي، لا يكاد يطلع على حقيقته، وعنه: لا تجزئه، اختاره الآجري، والمجد وغيرهما، وفاقًا لمالك والشافعي، كما لو بان عبده ونحوه. وكحق الآدمي، ولبقاء ملكه، لتحريم الأخذ، ويرجع على الغني، بها أو بقيمتها ذكره القاضي وغيره رواية واحدة، لأن الله حصرها في الفقراء، وللترمذي وأبي داود، عن عمر مرفوعًا «لا تحل الصدقة لغني ولا للذي مرة سوي» ، وفي رواية له «ولا لذي مرة قوي» وللنسائي عن أبي هريرة قال «لاحظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب» وتقدم: «لا تحل لغني إلا لخمسة عامل، أو غاز، أو غارم، أو مشتريها بماله، أو مهداة إليه» قال الباجي: فإن دفعها لغني غير هؤلاء، عالمًا بغناه، لم تجزئه بلا خلاف، وقال أحمد: الغني المانع من أخذ الزكاة، أن يكون له كفاية على الدوم، بتجارة، أو صناعة، أو أجرة عقار وغيره، وإلا فلا، وإن ملك نصبًا.
(٢) إجماعًا، بل سنة كل وقت، لإطلاق الحث عليها في الكتاب والسنة، وقال غير واحد: هي أفضل من الجهاد، لا سيما إذا كان زمن مجاعة، على
المحاويج، خصوصًا صاحب العائلة، خصوصًا القرابة، ومن الحج، لأنه متعد، والحج قاصر، وهو ظاهر كلام المجد وغيره، وصوبه في تصحيح الفروع وغيره، وأفضل من العتق، لقوله لميمونة «لو أعطيتها أخوالكِ، كان أعظم لأجركِ» متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>