للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) إِلا (المجنونة (١) والصغير (٢) والبكر، ولو مكلفة (٣) .


(١) لأن ولاية الإجبار انتفت عن العاقلة بخيرة نظرها لنفسها، بخلاف المجنونة.
(٢) أي غير البالغ، فلا خلاف أن للأب تزويج ابنه الغلام، العاقل، بغير إذنه، لأن ابن عمر زوج ابنه وهو صغير، ويزوجه بواحدة، صوبه في تصحيح الفروع، وقيل: بأكثر إن رأي فيه مصلحة.
(٣) أي وإلا البكر، فللأب أو وصيه تزويج ابنته البكر، التي لها دون تسع، بغير إذنها ورضاها، إذا وضعها في كفء بلا نزاع، وحكاه ابن رشد والوزير وغيرهما اتفاقا، لما ثبت أن أبا بكر: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت ست، قالوا: ولو مكلفة على المشهور، وبه قال أبو حنيفة ومالك، والشافعي، وسائر الفقهاء.
واستثنى مالك - في أظهر الروايتين عنه - المتعنسة، وهي التي طال مكثها في بيت أبيها، حتى بلغت أربعين سنة، وكذا التي تزوجت ولم يدخل بها، وقد باشرت الأمور، وعرفت مصالحها من مضارها، فقال مالك: لا يملك الأب إجبارها، وكذا قال أبو حنيفة: لا يملك الأب إجبارها، وعن أحمد: عدم إجبار المكلفة، اختاره أبو بكر والشيخ، قال في الفائق: وهو الأصح. وقال الزركشى: هو أظهر، لأن مناط الإجبار الصغر.
قال الشيخ: فالصحيح أن البكر البالغة لا يجبرها أحد، لما في الصحيحين «لا تنكح البكر حتى تستأذن» وهو قول أبي عبيد، وأصحاب الرأي. قال ابن القيم: قالت الشافعية: له أن يجبر ابنته البالغة المفتية، العالمة بدين الله، بمن هي أكره الناس له، حتى لو عينت كفوا، وتركوا محض القياس والمصلحة، وتعلقوا بخبر مسلم «والبكر تستأذن» وهو حجة عليهم.
وتركوا ما في الصحيحين «لا تنكح الأيم حتى تستأذن» فنهي أن تنكح بدون استئذانها، وأمر بذلك، وأخبر أنه شرعه وحكمه، فاتفق على ذلك أمره ونهيه، وهو محض القياس والميزان؛ وقال: وهو قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو القول الذي ندين الله به.

<<  <  ج: ص:  >  >>