للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسمى مسألة التورق (١) ويحرم التسعير (٢) .


(١) من الورق وهي الفضة، لأن مشتري السلعة يبيعها بها، فإن مقصوده أخذ الورق، فينظر السلعة كم تساوي نقدا، فيشتريها إلى أجل، ثم يبيعها في السوق نقدا، قال الشيخ: وهذا مكروه في أظهر قولي العلماء، وفي الإنصاف: وعنه يحرم: اختاره الشيخ، وقال: إذا لم يكن للمشتري إلى السلعة حاجة، بل حاجته في الذهب والورق، فيشتريها ليبيعها بالعين الذي احتاج إليها، فإن أعادها إلى البائع فهو الذي لا يشك في تحريمه، وإن باعها لغيره بيعا تاما، ولم تعد إلى الأول بحال، فقد اختلف السلف في كراهته، ويسمونه التورق.
(٢) وهو أن يأمر الوالي الناس بسعر لا يجاوزونه، وحكي الوزير الاتفاق على كراهته، ويكره الشراء به، وقال ابن القيم: التسعير منه ما هو محرم، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق، على البيع بشيء لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم، فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب.
فالأول مثل ما روى أنس قال: غلا السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: سعر لنا، فقال: «إن الله هو المسعر، القابض، الباسط» الحديث فإذا كانوا يبيعون سلعهم على الوجه المعروف، من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر، إما لقلة الشيء، أو لكثرة الخلق، فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.
والثاني مثل: أن يمتنع أرباب السلع من بيعها، مع ضرورة الناس إليها
بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، والتسعير هنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به، ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا، ربحتم أو خسرتم من غير أن ينظر إلى ما يشترون به، ومنع الجمهور أن يحد لأهل السوق حد لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب.
قال: وجماع الأمر أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير، سعر عليهم، تسعير عدل، لا وكس، ولا شطط، وإذا اندفعت حاجتهم، وقامت مصلحتهم بدونه، لم يفعل، وأوجب الشيخ المعاوضة بثمن المثل، وأنه لا نزاع فيه، لأنه مصلحة عامة لحق الله تعالى، ولا تتم مصلحة الناس إلا بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>