(٢) أي حال بين الأبصار وبين رؤية الهلال دخان، وهو معروف، ويقال له: العثان، والغبرة في الهواء، وقال أبو زيد: القترة ما ارتفع من الغبار، فلحق بالسماء، والغبرة ما كان أسفل في الأرض، وذكر بعضهم أن البعد مانع كالغيم، وكمن بينه وبينه شيء يحول، كالجبل ونحوه، وكالمسجون. (٣) أي الظاهر البائن، الذي ليس يخفى أنه المشهور في المذهب، أنه يجب صومه، وعنه: لا يجب صومه قبل رؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين، نص عليه وجزم به صاحب الإقناع وغيره وفاقًا، وقال الشيخ: هي المذهب الصريح، المنصوص عنه، وذهب إليها المحققون في مذهب أحمد وغيرهم، بل يكره أو يحرم، ورواية حنبل تحريمه، وفاقًا للأئمة الثلاثة واختاره القاضي، وأبو الخطاب، وابن عقيل، وابن رزين، وابن مندة، والشيخ، وجميع أصحابه، وهو ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة المتواترة. واختاره إمام هذه الدعوة، ومن أخذ عنه، ونهوا عن صيامه، لوجوه، منها أن تلك الليلة من شعبان، بحسب الأصل، ولا تكون من رمضان إلا بيقين، ومنها النهي الصحيح الصريح عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، ومن صامه فقد تقدم رمضان، ومنها الأحاديث الصحيحة الصريحة بالنهي عن صيامه، كقوله «فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين» من غيره وجه، والأمر بالشيء نهي عن ضده، ومنها حديث عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. ونحوه عن حذيفة، وابن عباس، وغيرهما، ومنها رواية المروذي: إن يوم الثلاثين من شعبان إذا غم الهلال، يوم الشك؛ وهو قول جمهور أهل العلم والأئمة الأربعة وغيرهم، وجزم به شيخ الإسلام وغيره، والأصحاب كرهوا صومه كما ترى، واستدلوا بفعل صحابي، خالفه غيره من الصحابة، وقوله إنما هو حجة مع عدم المخالف، فكيف إذا خالف نصوص السنة.