للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أَن يعمر عائشة من التنعيم، متفق عليه (١) . ولا يحل – لحر مسلم مكلف أَراد مكة أَو الحرم – تجاوز الميقات بلا إحرام (٢) .


(١) فدل على أن من كان بمكة يحرم منه، وهو أقرب الحل من الحرم، فالتنعيم من الحل، بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة، سمي بالتنعيم، لأن جبلاً عن يمينه اسمه نعيم، وآخر عن شماله اسمه ناعم، والوادي نعمان بفتح النون، وإن أحرم من مكة، أو من الحرم انعقد للخبر، ويأتي الكلام على الاعتمار من مكة، إن شاء الله تعالى.
(٢) لأنه صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت، وللشافعي قول: يجب، صححه جماعة، لإطباق الناس عليه. ولأن الإحرام لتعظيم هذه البقعة الشريفة، فإن الله جعل البيت معظمًا، وجعل المسجد الحرام فناء له، وجعل مكة فناء للمسجد الحرام، وجعل الميقات فناء للحرم، والشرع ورد بكيفية تعظيمه، وهو الإحرام على هيئة مخصوصة، فلا يجوز تركه، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم تجاوزوها بغير إحرام، وعن ابن عباس مرفوعًا – وفيه ضعف - «لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام» وصح من قوله رضي الله عنه، واختاره الأكثر، لأنه من أهل فرض الحج، ولعدم تكرر حاجته، وأما من أراد النسك فباتفاق الأئمة، حكاه الوزير وغيره.
وقال الشيخ: ليس لأحد أن يجاوز الميقات، إذا أراد الحج والعمرة إلا بإحرام، وإن قصد مكة لتجارة أو لزيارة، فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع. اهـ. وظاهر مذهب الشافعي الجواز، وعن أحمد نحوه، صححه ابن عقيل، وهو ظاهر الخرقي، واستظهره في الفروع، للخبر، وحكاه أحمد عن ابن عمر، وأنه ينبني على عموم المفهوم، قال الزركشي: وهو ظاهر النص، والأصل عدم الوجوب، ومن قال بجوازه – لمن لم يقصد النسك – كره تركه، إلا أن يتكرر دخوله، وأما من لا يجب عليه كالعبد والصبي، فلا يلزمه الإحرام منه، لأنه لا يلزمه الحج، فلأن لا يلزمه الإحرام بطريق الأولى، واحترز بقوله: أراد مكة أو الحرم. عمن تجاوزه غير مريد له، فلا يحرم بغير خلاف، ولأنه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، أتوا بدرًا مرتين، وكانوا يسافرون للجهاد، فيمرون بذي الحليفة بغير إحرام، ولو تجاوزه الحر المسلم المكلف بلا إحرام، وهو مريد مكة، لم يلزمه قضاء الإحرام، جزم به وصححه غير واحد، من الأصحاب وغيرهم، ولأنه قد ثبت بالاتفاق أن الحج والعمرة – عند من أوجبها – إنما تجب مرة واحدة، فلو وجب على كل من دخل مكة أن يحج ويعتمر، لوجب أكثر من مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>