للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله ثوابه وثواب من وراءه ما اتصلت الصفوف (١) وكلما قرب منه فهو أفضل (٢) والصف الأخير للنساء أفضل (٣) (ويقول) قائما في فرض مع القدرة (الله أكبر) (٤) .


(١) لاقتدائهم به. قاله الوزير وغيره. وقوله: ما اتصلت، أي مدة دوامها متصلة، فـ (ما) هنا مصدرية ظرفية، أي فيكون كل إنسان في الأول له ثوابه وثواب الذي يليه، والثاني له ثواب الثالث وما بعده، ومن وقف وراء الإمام فهو أفضل، ولو كان في آخر الصف ممن هو على يمين الإمام ملتصقا به، لأن العبرة بما خلف الإمام، ومن تقدم على الإمام إلى الكعبة في غير جهته فصلاته صحيحة بلا خلاف. ولكن منزلته في الفضيلة كمن وقف بجانب الإمام.
(٢) لقوله عليه الصلاة والسلام «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى» رواه مسلم. وقال الشيخ: وقوف المأموم بحيث يسمع قراءة الإمام وإن كان في الصف الثاني أو الثالث أفضل من الوقوف في طرف الأول مع البعد عن سماع قراءة الإمام، لأن الأول صفة في نفس العبادة فهي أفضل من مكانها.
(٣) لقوله «وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» أي أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها عن مطلوب الشرع، فيسن تأخيرهن. وروي «أخروهن حيث أخرهن الله» والمراد صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، أما إذا صلين متميزات عن الرجال، فهن كالرجال.
وليس بين الإقامة والتكبير دعاء مسنون، قيل لأحمد: تقول قبل التكبير شيئًا؟ قال: لا. إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أحدٍ من الصحابة.
(٤) أي يقول الإمام ثم المأموم، وكذا المنفرد، قائما منتصبا بين يدي الرب تبارك وتعالى. مستقبل القبلة، مستشعرا حضور المتوجه إليه، شاهدا بقلبه قيوميته وكبريائه، متخليا عن الشواغل، متهيئا للدخول على الله، دخول العبد على الملك
بالتعظيم والإجلال: الله أكبر. والراء ساكنة، والقيام مع القدرة ركن في الفرض بإجماع المسلمين، لا تصح إلا به. قال النووي وغيره: من استحله، أو قال ليس بفرض يكفر انتهى، وليس ركنا في النفل إجماعا، والله أكبر من كل شيء أي: أعظم، أو أكبر: كبير، أو الكبير على خلقه، أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بوحدانيته، والكبير العظيم المتعالي، و (أكبر) أفعل تفضيل، وهو لا يستعمل مجردا من الألف واللام إلا مضافا، أو موصولا بمن لفظا أو تقديرا، وتكبيره سبحانه جامع لإثبات كل كمال له، وتنزيهه عن كل نقص وعيب، وإفراده وتخصيصه بذلك، وتعظيمه وإجلاله، وأكبر من أن يذكر بغير المدح والتمجيد والإثناء الحسن، وحكمة الاستفتاح بها ليستحضر عظمة من يقف بين يديه، وأنه أكبر شيء يخطر بباله، فيخشع له، ويستحيي أن يشتغل قلبه بغيره، ولهذا أجمع العلماء على أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضر قلبه. وروى ابن ماجه عن حذيفة مرفوعا «إن الرجل إذا دخل في صلاة أقبل الله عليه بوجهه، فلا ينصرف عنه حتى ينقلب أو يحدث حدث سوء» وفي الأثر «لو يعلم من يناجي ما انفتل» ولابن خزيمة «إنما يقوم يناجي ربه، فلينظر كيف يناجيه؟» ونظائره كثيرة، ومناجاة الرب تعالى أرفع وأشرف درجات العبد، وعن أنس مرفوعا «اذكر الموت في صلاتك فإن الرجل إذا ذكره حري أن يحسنها، وصل صلاة من يظن أن لا صلاة غيرها» حسنه الحافظ، وعن أم سلمة، قال: «فليصل صلاة مودع» ولمسلم «ألا ينظر المصلي كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه» وقال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} والخشوع إنما يحصل لمن استحضر عظمة ملك الملوك، وأنه يناجيه، ويخشى أن يردها عليه، فيفرغ قلبه لها، ويشتغل بها عما عداها، ويؤثرها على ما سواها، فتكون راحته وقرة عينه، قال صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» وقال لبلال «أرحنا بالصلاة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>