للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللمصلي قيراط، وهو أمر معلوم عند الله تعالى (١) وله بتمام دفنها آخر، بشرط أن لا يفارقها من الصلاة حتى تدفن (٢) .


(١) ففي الصحيحين وغيرهما من غير وجه «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان» قيل: وما القراطان؟ قال «مثل الجبلين العظيمين» وللبخاري، «من شيع» ولمسلم «من خرج معها ثم تبعها حتى تدفن» وذكر ابن القيم أنه لم يزل حريصًا على معرفة المراد بالقيراط، حتى رأى لابن عقيل أنه نصف سدس درهم مثلاً، أو نصف عشير دينار، وأنه لا يجوز أن يكون المراد هنا جنس الأجر، لأن ذلك يدخل فيه ثواب الأعمال الصالحة، كالصلاة والحج، وليس في صلاة الجنازة ما يبلغ إليه، وأنه لم يبق إلا أن يرجع إلى الأجر المعهود، وهو العائد إلى الميت، ويتعلق به صبر على المصيبة فيه، وتجهيزه، وغسله ودفنه، وغير ذلك، فكان للمصلي من ذلك الأجر قيراط، نصف دانق، سدس درهم، وإن تبعه كان له قيراطان، فيكون نسبة القيراط إلى الأجر الكامل، وهو بحسب عظم ذلك الأجر الكامل في نفسه، وكلما كان أعظم، كان القيراط منه بحسبه. اهـ. ولا سيما بحسب المشقة والإخلاص.
ولما كان المتعارف به حقيرًا، نبه الشارع على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك، وأخبر أنه مثل الجبل العظيم، وفي رواية «مثل أحد» وفي رواية في القيراطين «أصغرهما مثل أحد» ، فبين أن زنة الثواب المترتب على ذلك العمل مثل الجبلين العظيمين، وكثيرًا ما يمثل الشارع أمور الآخرة بأمور الدنيا للتقريب إلى الأفهام، وإلا فذرة من ذرات الآخرة خير من الدنيا بأسرها وأمثالها معها، وخص الصلاة عليه والدفن بالذكر لكونهما المقصود، بخلاف باقي أحوال الميت، فإنها وسائل.
(٢) لقوله صلى الله عليه وسلم «حتى تدفن» وظاهره أن من شرط حصول القيراط الثاني شهود الصلاة، ولأحمد «حتى توضع في اللحد» بدل تدفن.

<<  <  ج: ص:  >  >>