وفي الصحيحين عن ابن مسعود: إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك، فإذا حمد الله تعالى، ثم أخبر بعلته، لم يكن شكوى منه، إلا أن أخبر بها تبرمًا وتسخطً، لا للاعتبار والتسلية، كقول خباب: ما لقي أحد ما لقيت. وكقول أبي هريرة عن جوعه وربطه الحجر، وإذا كانت المصيبة مما يمكن كتمانها فكتمانها من أعمال الله الخفية، وذكر الشيخ أن عمل القلب من التوكل وغيره واجب باتفاق الأئمة، ويحسن ظنه بالله، فصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله» أي أن يغفر له ويرحمه، ويتدبر ما ورد من الآيات والأحاديث من كرم الله وعفوه ورحمته، وما وعد به أهل توحيده، وما يبدلهم من الرحمة يوم القيامة، وفي الصحيح «أنا عند ظن عبدي بي» زاد أحمد «إن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن بي شرًا فله» وقال «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي خيرًا» . وفي الصحيحين «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن ذكره لقاء الله كره الله لقاءه» فتأكد أن على العبد أن يحسن ظنه عند إحساسه بلقاء الله، لئلا يكره لقاء الله، ويسن لمن عنده تحسين ظنه، وتطعيمه في رحمه ربه، ويذكر له الآيات والأحاديث في الرجاء، وينشطه لذلك، وقيل بوجوبه إذا رأى منه أمارات اليأس والقنوط، لئلا يموت على ذلك فيهلك، فهو من النصيحة الواجبة، ويغلب الرجاء لقوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} وأما في الصحة فيغلب الخوف، ليحمله على العمل، ونص أحمد: يكون خوفه ورجاءه واحدًا، فأيهما غلب على صاحبه هلك. قال الشيخ: هذا العدل، لأن من غلب عليه الخوف أوقعه في نوع من اليأس، ومن غلب عليه الرجاء أوقعه في نوع من الأمن من مكر الله، والرجاء بحسب رحمة الله يجب ترجحيه وأما الخوف فيكون بالنظر إلى تفريط العبد، ومن أقبح القبائح أن يكون آخر عهده من الدنيا التفريط.