للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد طلوع الفجر الثاني (١) (و) أن يدنو من الإمام (٢) مستقبل القبلة (٣) .


(١) وفاقا للشافعي، لحديث: «من جاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» لا قبل طلوع الفجر، لأنه ليس بوقت للسعي لها، وقال الحافظ: لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب إلى الجمعة قبل طلوع الشمس، أو عند انبساطها اهـ، والساعات في لسان الشارع وأهل اللغة الجزء من أجزاء الزمان، وقال ابن رجب: في أول الساعة ثلاثة أقوال، الأول من طلوع الفجر، وهو قول أحمد والشافعي، والثاني من طلوع الشمس، وهو قول طائفة من الشافعية والمالكية ومال إليه، والثالث من الزوال، وهو قول مالك، ولأبي داود بسند صحيح، «الجمعة اثنتا عشرة ساعة» ، وذكر الساعات للحث على التبكير إليها، والترغيب في فضيلة السبق وتحصيل فضيلة الصف الأول، وانتظارها بالتنفل والقراءة والذكر.
(٢) إجماعا للخبر، ولما تقدم في فضل الصف الأول، والدنو من الإمام، وغير ذلك، قال عبد الله، سارعوا إلى الجنة، فإن الله يبرز إلى أهل الجنة في كل يوم جمعة في كثيب كافور، فيكونون منه في القرب على قدر تسارعهم، فيحدث الله لهم من الكرامة ما لم يكونوا رأوه من قبل ذلك، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله عز وجل على قدر رواحهم إلى الجمعات، الأول والثاني والثالث» الحديث، وسنده حسن، ولأبي داود: «احضروا الذكر، وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد، حتى يؤخر في الجنة، وإن دخلها» وللطبراني «فيؤخر عن الجنة وإنه لمن أهلها» ، وقال ابن القيم وغيره: قرب أهل الجنة يوم القيامة، وسبقهم إلى الزيارة يوم المزيد بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة.
(٣) لأنه خير المجالس، للخبر، ولا يكره الاحتباء وفاقا، ويقال له القرفصاء، وهو الجلوس على أليتيه، رافعا يديه إلى صدره، مفضيا بأخمص قدميه إلى الأرض
وكان أحمد يقصدها، ويقول: لا جلسة أخشع منها، وعن يعلى بن شداد قال: شهدت مع معاوية بيت المقدس، فجمع بنا فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والإمام يخطب، رواه أبو داود وعد جماعة من الصحابة، وقال: لم يبلغن أن أحدا كرهها، إلا عبادة بن نسي، وروى هو والترمذي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة، وحسنه الترمذي، وتعقب أن في إسناده ضعيفين، وقال ابن القيم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة، لأنه ذريعة إلى النوم اهـ، وإذا نعس فليتحول عن موضعه، لقوله: «إذا نعس أحدكم في مجلسه، فليتحول إلى غيره» ، صححه الترمذي، وإن كان الصواب وقفه، فإنهم اتفقوا عليه، حكاه النووي وغيره، وقال مالك: إن تحفظ من النعاس بوجه يراه منافيا له لم يتحول.

<<  <  ج: ص:  >  >>