للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روى الشافعي مرسلا، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم: «أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس» (١) .

(و) يسن (أكله قبلها) أي قبل الخروج لصلاة الفطر (٢) لقول بريدة: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي رواه أحمد (٣) .


(١) فدل على مشروعية تعجيل الأضحى، وتأخير الفطر، ليتسع وقت التضحية بتقديم صلاة الأضحى، من حين خروج وقت النهي، ولاستحباب الإمساك حتى يفرغ من الصلاة، فإنه ربما كان ترك التعجيل، مما يتأذى به منتظروا الصلاة لذلك، بخلاف عيد الفطر، فإنه لا إمساك ولا ذبح، وتخرج صدقة الفطر قبلها، وبالتأخير يتسع وقت الإخراج، فلا يشق على مخرجيها حينئذ، ويأتي الحث على عظة الناس، وأمرهم بتقوى الله، وحثهم على طاعته، والمرسل ضد المتصل، بأن يرويه تابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) قال الموفق وغيره: لا أعلم فيه خلافا، امتثالا لأمره تعالى بالإفطار، بعد امتثال أمره بالصيام، وأن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة، وقيل: لما وقع من وجوب الفطر عقب وجوب الصوم، والأكل فيه آكد من الإمساك في الأضحى.
(٣) ورواه الترمذي والحاكم بنحوه، وعن جابر بن سمرة نحوه، ورواه البزار، وفي الصحيح عن أنس، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات، أي إن كانت، وليأتي بالمأمور به حسا، وإن وجد شرعا، قال الشيخ: لما قدم الله الصلاة على النحر في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وقدم التزكي على الصلاة في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} كانت السنة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر، وذكر أن مقصود الصوم التقوى، وهو من معنى التزكي وفرض بعده صدقة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث فالصدقة من تمام طهرة الصوم، وكلاهما تزك، فتقدم على صلاة العيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>