للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(متضرعا) أي مستكينًا (١) لقول ابن عباس: خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعًا متخشعًا متضرعًا، قال الترمذي: حديث حسن صحيح (٢) (ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ) لأنه أسرع لإجابتهم (٣) (والصبيان المميزون) لأنه لا ذنوب لهم (٤) وأبيح خروج طفل وعجوز وبهيمة (٥) .


(١) بلسانه إلى الله في كلامه وفي مشيه وجلوسه، مبتهلاً إلى الله، مع حضور القلب، وامتلائه بالهيبة والخوف من الله متصاغرًا ومتعرضًا في جلب الحاجة.
(٢) ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وقال ابن حبان: في رمضان سنة ست من الهجرة وروي مبتذلاً، أي لابسًا ثياب البذلة، وهي ما يلبس من ثياب المهنة وقت العمل، تاركًا ثياب الزينة، تواضعًا لله تعالى، وإظهارا للافتقار إليه، وإرادة جبر الانكسار متخشعًا أي خاضعًا، مظهرًا للخشوع، ليكون ذلك وسيلة إلى نيل ما عند الله عز وجل، متضرعًا أي مظهرًا للضراعة وهي التذلل عند طلب الحاجة، أو باللسان في أنواع الذكر.
(٣) أي فخروجهم أشد استحبابًا، وإلا فيستحب الخروج لكافة الناس، والشيوخ جمع شيخ، وله جموع كثيرة، وهو من جاوز الخمسين سنة.
(٤) أي فيستحب إخراجهم، وفاقًا لمالك والشافعي، لأنهم يكتب لهم، ولا يكتب عليهم، فترجى إجابة دعائهم، وفي الفصول: نحن لخروج الصبيان أشد استحبابًا والصبيان بكسر الصاد وضمها لغتان، أفصحهما وأشهرهما الكسر.
(٥) لأن الأطفال خلق من خلق الله سبحانه وتعالى، وعيال من عياله، والرزق مشترك بين الكل قال الله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} وروى البزار وغيره مرفوعًا «لولا أطفال رضَّع، وعباد ركَّع، وبهائم رتَّع، لصب عليكم البلاء
صبَّا» .
وقيل: يستحب إخراج العجائز، وفاقًا لأبي حنيفة، ويكره من النساء ذوات الهيئات وفاقًا، خوف الفتنة، والتفات القلوب إليهن عن الخضوع لله، والتضرع بين يديه، ولأن القصد إجابة الدعاء، وضررهن أكثر، وفي الشرح: لا يستحب إخراج البهائم لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وأخرج الحاكم وغيره أن سليمان عليه السلام خرج ليستقي فرأى نملة مستلقية وهي تقول: «اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم، ويؤمر سادة العبيد بإخراج عبيدهم، رجاء استجابة دعائهم، لانكسارهم بالرق، وفي الصحيح، «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>