(٢) لئلا ينتخل عليه التراب منها، لقوله «سدوا خلال اللبن» ثم قال «وليس هذا بشيء، ولكن يطيب نفس الحي» رواه أحمد وغيره عن مجاهد مرفوعًا. (٣) يعني التراب على القبر، بمساح ونحوها، إسراعًا بتكميل الدفن، «ويهال» أي يصب، يقال: هلت التراب والدقيق وغيرهما، أهيله هيلاً، صببته، فانهال أي انصب، وتهيل تصبب، فيسن ذلك لمن حضره، وفاقًا للشافعي وغيره، لحديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم حثى عليه من قبل رأسه ثلاثًا، رواه ابن ماجه، بسند جيد، ونحوه للدارقطني والبيهقي، عن عامر بن ربيعة، ولأن مواراته فرض كفاية، وبالحثي يكون فيمن شارك فيها، ولأن في ذلك أقوى عبرة واستذكارًا، فاستحب ذلك، ولأحمد بسند ضعيف أنه عليه الصلاة والسلام قال – لما وضعت ابنته في القبر – {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} واستحب بعض أهل العلم أن يقال ذلك عند حثي التراب، استئناسًا بهذا الخبر. (٤) أي وينبغي تلقين الميت بعد الدفن، فيقوم الملقن عند رأسه، بعد تسوية التراب عليه، فيقول: يا فلان اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخوانًا، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية، لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. واستجبه الأكثر، وكرهه جماعة من العلماء، وأنكره آخرون، لاعتقاد أنه بدعة مكروهة، وقال شيخ الإسلام: تلقين الميت الأظهر أنه مكروه، لأنه لم يفعله صلى الله عليه وسلم، بل المستحب الدعاء له، يقوم على قبره فيقول: اسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل، وقال: لم يكن من عمل المسلمين، المشهور بينهم، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة، كأبي أمامة وواثلة، فمن الأئمة من رخص فيه كأحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه، وأصحاب الشافعي. ولم ينقل عن الشافعي فيه شيء، ومن العلماء من يكرهه، كما يقوله من يقوله من أصحاب مالك وغيره، لاعتقاده أنه بدعة، فالأقوال فيه ثلاثة، الاستحباب، والكراهة والإباحة، وهذا أعدل الأقوال. قال: وقد ثبت أن المقبور يسأل ويمتحن، وأنه مأمور بالدعاء له، فلهذا قيل إن التلقين ينفعه، فإن الميت يسمع النداء، كما ثبت في الصحيح أنه قال «إنه ليسمع قرع نعالهم» وأنه قال «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» وأنه أمرنا بالسلام على الموتى، فقال «ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه، إلا رد عليه السلام» وروي فيه حديث، لكنه ما لم يحكم بصحته. اهـ. واحتج بعض الفقهاء بحديث «لقنوا موتاكم» وهو وإن شمله اللفظ فليس بمراد، كما صرح به في الفروع وغيره، وإلا لنقله الخلف عن السلف، وشاع، ومال بعض المحققين إلى أن الأولى تركه، اقتفاء لما عليه السلف، وقال ابن القيم: لم يكن صلى الله عليه وسلم يقرأ عند القبر، ولا يلقن الميت، وحديث التلقين لا يصح.