وقال عليه الصلاة والسلام «والصبر ضياء» وقد وردت أخبار في ثواب أهل البلاء، وأجر الصابرين كقوله «من يرد الله به خيرًا يصب منه» وقوله «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على حسب دينه» إلى قوله «فما يزال به، حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة» وقال «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فَمَنْ رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» حسنه الترمذي، وله «إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا» وغير ذلك. وفي الصبر على موت الولد أجر كبير، وردت به الأخبار، منها في الصحيحين «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فتمسه النار إلا تحلة القسم» وفيهما «وكانوا حجابًا له من النار» وفيهما «ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة» قال ابن المنير: ويدخل الكبير في ذلك بطريق الفحوى، وفي الصحيح «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» ولأحمد والترمذي وحسنه «إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟، فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟، فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد» وفيه: عن صهيب مرفوعًا «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» . ولأحمد وابن ماجه وغيرهما عن الحسن مرفوعًا «ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة، فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث عند ذلك استرجاعًا، إلا جدد الله له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب» ومن نظر في كون المصيبة لم تكن في دنيه، هانت عليه مصيبته بلا شك، والثواب في المصائب على الصبر عليها، لا على المصيبة نفسها، فإنها ليست من كسب ابن آدم، وإنما يثاب على صبره، وأما الرضى فمنزلة فوق الصبر، فإنه يوجب رضى الله، واختار الشيخ استحبابه، وقال: لم يجيء الأمر به، كما جاء بالصبر، وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.