للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاسترجاع، فيقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) (١) «اللهم آجرني في مصيبتي، وأَخِلف لي خيرًا منها» (٢) ولا يلزم الرضى بمرض وفقر وعاهة (٣) .


(١) الاسترجاع سنة إجماعًا، قال تعالى {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} أي على الرزايا والبلايا، «واسترجع في المصيبة» استعاذ بقوله (إنا لله) أي عبيد له، وملك له، يفعل فينا ما يشاء (وإنا إليه راجعون) يوم القيامة، فيجازي كلا بعمله، وقال ابن كثير وغيره: تسلوا بقولهم هذا، عما أصابهم، وعملوا أنهم ملك لله، عبيد له، يتصرف فيهم بما يشاء، وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة، فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم عبيده، وراجعون إليه في الدار الآخرة. ولهذا أخبر عما أعطاهم على ذلك فقال {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} أي ثناء من الله عليهم {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} في الدنيا والآخرة. اهـ. فهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في العاجلة والآجلة، فإنه إذا تحقق بمعرفتها تسلى عن مصيبته، وإذا علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، هانت عليه المصيبة.
(٢) آجرني بالمد والقصر، وكسر الجيم، و «اخلف» بقطع الهمزة، وكسر اللام، يقال لمن ذهب منه ما يتوقع مثله: أخلف الله عليك. أي رد عليك مثله، فإن ذهب منه ما لا يتوقع مثله: خلف الله عليك. أي كان الله خليفة منه عليك، وفي صحيح مسلم وغيره عن أم سلمة مرفوعًا «ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها. إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها» .
(٣) لأن الرضى إنما يجب بالقضاء والقدر، لا بالمقضي والمقدور، لأنهما صفتان للعبد، والأوليان صفتان للرب، والعاهة الآفة، وأصلها عوهة، وجمعها عاهات، وأهل العاهات المصابون بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>