(٢) «استمنى» استدعى خروج المني، بيده، أو يد زوجته، أو غير ذلك، فأمنى، أو أمذى، أفطر وفاقًا، ووجب عليه القضاء، فإن لم ينزل، فقد أتى محرمًا، ولم يفسد صومه، وإن أنزل بغير شهوة فلا، كالبول، لأنه يخرج من غير اختيار منه، ولا سبب. (٣) فسد صومه، أما الإمناء فوفاقًا، لمشابهته الإمناء بجماع، لأنه إنزال بمباشرة، وأما الإمذاء فلتحلل الشهوة له، وخروجه بالمباشرة، فيشبه المني، وهذا الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وعنه: لا يفطر بالمذي. اختاره الآجري، وأبو محمد، والشيخ، واستظهره في الفروع، وصوبه في الإنصاف، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، عملاً بالأصل، وقياسه على المني لا يصح، لظهور الفرق، وأما من هاجت شهوته، فأمنى، أو أمذى، ولم يمس، لم يفطر، جزم به صاحب الإنصاف وغيره ومفهومه أن القبلة، أو المباشرة لا تفطر، إذا خلت عن إنزال، ولا ريب في ذلك، ولا نزاع، لما في الصحيحين وغيرهما: كان يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه. والمباشرة هنا المس باليد، وهو من التقاء البشرة، وقال «أرأيت لو تمضمضت بالماء؟» وهذا فقه بديع، وهو أن المضمضة لا تنقض، وهي أول الشرب، ومفتاحه، فكذلك القبلة، وهي من دواعي الجماع، وأوائله، التي تكون مفتاحًا له، وفيه إثبات القياس، والجمع بين الشيئين في الحكمة.