(٢) ولقوله «كلوا واشربوا، حتى يعترض لكم الأحمر» رواه الترمذي وغيره، وقال: العمل عليه عند أهل العلم. ولقوله «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم» ، وفيه الاعتماد على صوت المؤذن، وجواز الأكل بعد النية، ولأحمد عن أبي ذر: «لا تزال أمتي بخير، ما أخروا السحور، وعجلوا الفطر» ولأنه أقوى على الصوم، وما كان أقرب إلى الفجر، كان أعون عليه، ولا نزاع في مطلوبيته. وفي الحديث: «كلوا واشربوا حتى يستطير الفجر» ينتشر بياض الأفق معترضًا، وقال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} والخيط اللون، وفي الحديث «سواد الليل وبياض النهار» وهل العبرة أول طلوعه، أو الاستطارة، أو الانتشار؟ استظهر الأكثر الانتشار، لتعريفهم الصادق به، قال ابن كثير، والنووي وغيرهما: فيه دليل على استحباب السحور، وتأخيره، لأنه من باب الرخصة، والأخذ بها محبوب، ووردت السنة بالحث عليه وفي الصحيحين وغيرهما: «تسحروا، فإن في السحور بركة» ولأحمد «السحور كله بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» ولأنه يقوي على الصيام، وينشط له، وتحصل بسببه الرغبة في الازدياد من الصيام، لخفة المشقة فيه على المتحسر، ولمسلم «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب آكلة السحر» لأن الله أباح لنا الطعام، وحرمه عليهم بعد أن يناموا، ومخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر، لتلك النعمة، وفيه «إن هذا الدين يسر» . فحكمته التقوى، أو مخالفة أهل الكتاب، وأحاديث الأمر بالتسحر، والحث عليه وتأخيره، وتعجيل الفطر، متواترة، حكاه الطحاوي وغيره. ولا يجب السحور، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعًا.