للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر» متفق عليه (١) .


(١) أي مدة فعلهم ذلك، امتثالاً للسنة، ولحديث عائشة: كان يعجل الإطار، صححه الترمذي، ولحديث أبي هريرة مرفوعًا «يقول الله تعالى إن أحب عبادي إلي، أعجلهم وفطرًا» رواه أحمد، والترمذي؛ ولأبي داود «لا يزال الدين ظاهرًا، ما عجل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون» ونحوه في الصحيحين، أي لا يزال أمر هذه الأمة معظمًا، وهم بخير، ما داموا محافظين على هذه السنة، وقوام الدين على مخالفة الأعداء، ولمسلم في رجلين، أحدهما يعجل الإفطار، ويعجل المغرب، والآخر بالعكس، قالت عائشة – في الذي يعجلهما -: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ: ومن البدع المنكرة ما أحدث الناس من إيقاع الأذان الثاني، وطفي الأنوار، قبل ثلث ساعة لتحريم الأكل والشرب، للاحتياط، وجرهم إلى أنهم لا يؤذنون المغرب إلا بعد الغروب بدرجة، فأخروا الفطور، وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر.
وقال ابن عبد البر وغيره: أحاديث تعجيل الفطور، وتأخير السحور، صحيحة متواترة. وقوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} يقتضي الإفطار عند غروب الشمس، حكمًا شرعيًا، لما في الصحيحين وغيرهما «إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم» أي دخل في وقت الفطر، وجاز له أن يفطر، أو انقضى صومه وتم، ولا يوصف بأنه صائم، فإن بغروب الشمس خرج النهار، وليس الليل محلاً للصوم.
وقال النووي: هي متلازمة، وإنما جمع بينهما لأنه قد يكون في واد ونحوه، بحيث لا يشاهد غروبها، فيعتمد إقبال الظلام، وإدبار الضياء، وأجمعوا على أن
الصوم ينقضي ويتم، بتمام الغروب، وأنه يدخل فيه بالفجر الثاني، وقال الشيخ: إذا غاب جميع القرص، أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة، الباقية في الأفق، وإذا غاب جميع القرص، ظهر السواد من المشرق، كما قال صلى الله عليه وسلم «إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، فقط أفطر الصائم» . ويعرف في العمران بزوال الشعاع، وإقبال الظلام من المشرق، للنهي عن الوصال، ومن أحب أن يمسك إلى السحر فله ذلك، لما في الصحيحين «فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل إلى السحر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>