للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولحديث عائشة: يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟ قال «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة» رواه أحمد، وابن ماجه، بإسناد صحيح، وإذا ثبت ذلك في النساء، فالرجال أَولى (١) .


(١) أي إذا ثبت وجوب الحج والعمرة على النساء في الخبر، فالرجال أولى بثبوتها في حقهم، وللبخاري عنها، أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال «لكن أفضل الجهاد حج مبرور» ولمسلم عن ابن عباس «دخلت العمرة في الحج، إلى يوم القيامة» وعن أبي رزين العقيلي، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج والعمرة، ولا الظعن، فقال «حج عن أبيك واعتمر» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وفي حديث عمر، عند ابن خزيمة وغيره «وتحج البيت وتعتمر» .
وقال الشافعي: العمرة سُنة، لا نعلم أحدًا رخص في تركها، وليس فيها شيء ثابت بأنها تطوع. وعنه: سنة، وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك، وأحد قولي الشافعي، واختاره الشيخ وغيره، لحديث جابر مرفوعًا: سئل عن العمرة، أواجبة هي؟ قال «لا، وأن تعتمر خير لك» رواه الترمذي وصححه، وقال: وهو قول بعض أهل العلم، قالوا: العمرة ليست بواجبة. ولأن الأصل عدم الوجوب، والبراءة الأصلية لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، مع اعتضاد الأصل بالأحاديث، القاضية بعدم الوجوب، ويؤيده اقتصاره تعالى على الحج في قوله تعالى {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} واقتصار الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث «بني الإسلام على خمس» على الحج، وقال للذي قال: لا أزيد عليهن، ولا أنقص. «لئن صدق ليدخلن الجنة» وحديث «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» ولفظ «التمام» في الآية مشعر بأنه إنما يجب بعد الإحرام، لا قبله، للخبر في سبب النزول، وأما أهل مكة فالقول بوجوبها عليهم ضعيف، مخالف للسنة الثابتة، وهو الأصح عند أحمد، قاله الشيخ وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>