(٢) فالمعتبر شرعًا في حق كل أحد ما يليق بحاله، عرفًا وعادة، لاختلاف أحوال الناس، فإن كان ممن يكفيه الرحل والقتب، ولا يخشى السقوط، اكتفي بذلك، وإلا اعتبر وجود محمل، وهو «الهودج» ، وفي معناه الشقدف المتعارف «ومحارة» يركب فيها الواحد والاثنان، وما أشبه ذلك مما لا يخشى سقوطه عنه، ولا مشقة فيه، وإن لم يكن يقدر على خدمة نفسه اعتبر من يخدمه، ومن أمكنه من غير ضرر يلحق بغيره، مثل من يكتسب بصناعة كالخراز، أو مقارنة من ينفق عليه، أو يكتري لزاده، ولا يسأل الناس استحب له الحج، ويكره لمن حرفته المسألة، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأكثر أهل العلم، وقال مالك: ليس الزاد والراحلة من شروط وجوبه، فإذا قدر راجلا، وله صنعة، أو من عادته السؤال فهو مستطيع. (٣) ورواه البيهقي وغيره، وسنده إلى الحسن صحيح، ورواه الحاكم من طريق آخر وثقه أحمد، وعن ابن عباس عند ابن ماجه والدارقطني نحوه، وعن جماعة من الصحابة، يقوي بعضها بعضًا للاحتجاج بها، ومنها حديث ابن عمر: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال «الزاد والراحلة» قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم. وقال شيخ الإسلام بعد سرد الآثار فيه: هذه الأحاديث مسندة من طرق حسان، ومرسلة، وموقوفة، تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة. ولأن الخطاب إنما هو للمستطيع، لأن (من) بدل من (الناس) ، فتفيد الآية: ولله على المستطيع. ولانتفاء تكليف ما لا يطاق عقلاً وشرعًا، ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة، فكان ذلك شرطًا كالجهاد، ومتى وصل وفعل أجزأه بلا نزاع، فليس شرطًا في الصحة والإجزاء كما تقدم.